responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 354
قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا حُجَّةَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَوُجُودِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ - إنْ قَالُوا قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذِهِ، وَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَا، لِأَنَّهُ - وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَخْلُو وُجُودُ الْمَاءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُعِيدُهُ فِي حُكْمِ الْمُحْدِثِ أَوْ الْمُجْنِبِ، أَوْ يَكُونَ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلَا يُعِيدُهُ فِي حُكْمِ الْمُجْنِبِ أَوْ الْمُحْدِثِ.
فَإِنْ قَالُوا لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلَا يُعِيدُهُ مُجْنِبًا وَلَا مُحْدِثًا، فَهَذَا جَوَابُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا، قُلْنَا فَلَا عَلَيْكُمْ، أَنْتُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُفْتَرَضٌ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَوْ الْوُضُوءُ مَتَى وَجَدَ الْمَاءَ بِلَا خِلَافٍ مِنْكُمْ، فَمِنْ قَوْلِهِمْ نَعَمْ، فَقُلْنَا لَهُمْ: فَهُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي حِينِ وُجُودِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ بِنَصِّ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِكُمْ فِي الْبِدَارِ إلَى مَا أُمِرْنَا بِهِ فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ مَأْمُورًا بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِشُغْلِهِ بِهَا، قُلْنَا: هَذَا فَرْقٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، فَإِذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ فَقَدْ صَحَّ إذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ أَمْرَكُمْ بِالتَّمَادِي عَلَى تَرْكِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِكُمْ لَا تُنْتَقَضُ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ، فَكَانَ اللَّازِمُ عَلَى أُصُولِكُمْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا تَقُولُونَ فِي الْمُحْدِثِ وَلَا فَرْقَ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا فَسَقَطَ قَوْلُهُمْ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ فَجَوَابُهُمْ أَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ مُجْنِبًا وَمُحْدِثًا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ هَذَا قَوْلًا ظَاهِرَ الْفَسَادِ وَدَعْوَى عَارِيَّةً عَنْ الدَّلِيلِ، وَمَا جَاءَ قَطُّ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا فِي قِيَاسٍ وَلَا فِي رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ أَنَّ شَيْئًا يَكُونُ حَدَثًا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكُونُ حَدَثًا فِي الصَّلَاةِ وَالدَّعْوَى لَا يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ، وَهِيَ بَاطِلٌ مَا لَمْ يُصَحِّحْهَا بُرْهَانٌ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ، لَا سِيَّمَا قَوْلُهُمْ: إنَّ وُجُودَ الْمُصَلِّي الْمَاءَ فِي حَالِ صَلَاتِهِ لَا يَنْقُضُ صَلَاتَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ اُنْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ بِالْوُجُودِ الَّذِي كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَادَ ذَلِكَ الْوُجُودُ إلَى بَعْدِ الصَّلَاةِ، فَهَذَا أَطْرَفُ مَا يَكُونُ شَيْءٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ إذَا عُدِمَ وَلَا يَنْقُضُهَا إذَا وُجِدَ وَهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا هَذَا بِعَيْنِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْقَهْقَهَةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَنْقُضُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست