responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 333
[مَسْأَلَة الرجال وَالنِّسَاء فِي أَحْكَام الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ وتوقيت الْمُدَّة]
مَسْأَلَةٌ:
وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ، وَسَفَرُ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ مَا لَيْسَ طَاعَةً وَلَا مَعْصِيَةً، وَقَلِيلُ السَّفَرِ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ عُمُومُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمِهِ، وَلَوْ أَرَادَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَخْصِيصَ سَفَرٍ مِنْ سَفَرٍ، وَمَعْصِيَةٍ مِنْ طَاعَةٍ، لَمَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، وَوَاهِبُ الرِّزْقِ وَالصِّحَّةِ وَعُلُوُّ الْيَدِ لِلْعَاصِي وَالْمَرْجُوُّ لِلْمَغْفِرَةِ لَهُ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مَنْ فُسَحِ الدِّينِ بِمَا شَاءَ، وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَا مَعْنَى لِتَفْرِيقِ مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ سَفَرِ الطَّاعَةِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ - لَا مِنْ طَرِيقِ الْخَبَرِ وَلَا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ.
أَمَّا الْخَبَرُ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فَلَوْ كَانَ هَهُنَا فَرْقٌ لَمَا أَهْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا كَلَّفَنَا عِلْمَ مَا لَمْ يُخْبِرْنَا بِهِ، وَلَا أَلْزَمَنَا الْعَمَلَ بِمَا لَمْ يُعَرِّفْنَا بِهِ، هَذَا أَمْرٌ قَدْ أَمِنَّاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّ الْمُقِيمَ قَدْ تَكُونُ إقَامَتُهُ إقَامَةَ مَعْصِيَةٍ وَظُلْمٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَعُدْوَانًا عَلَى الْإِسْلَامِ أَشَدَّ مِنْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَدْ يُطِيعُ الْمُسَافِرُ فِي الْمَعْصِيَةِ فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِ، وَأَوَّلُهَا الْوُضُوءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَسْحُ الْمَذْكُورُ الَّذِي مَنَعُوهُ مِنْهُ، فَمَنَعُوهُ مِنْ الْمَسْحِ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ، وَأَمَرُوهُ بِالْغُسْلِ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ أَيْضًا، وَهَذَا فَسَادٌ مِنْ الْقَوْلِ جِدًّا، وَأَطْلَقُوا الْمَسْحَ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي فِي إقَامَتِهِ.
فَإِنْ قَالُوا الْمَسْحُ رُخْصَةٌ وَرَحْمَةٌ، قُلْنَا مَا حَجَرَ عَلَى اللَّهِ التَّرْخِيصَ لِلْعَاصِي فِي بَعْضِ أَعْمَالِ طَاعَتِهِ، وَلَا رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ إلَّا جَاهِلٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى، قَائِلٌ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَكُلُّ سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَيَمْسَحُ فِيهِ مَسْحَ سَفَرٍ، وَمَا لَا قَصْرَ فِيهِ فَهُوَ حَضَرٌ وَإِقَامَةٌ، لَا يَمْسَحُ فِيهِ إلَّا مَسْحَ الْمُقِيمِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ تَوَضَّأَ فَلَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ تِلْكَ الرِّجْلَ]
215 - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ تَوَضَّأَ فَلَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ تِلْكَ الرِّجْلَ ثُمَّ إنَّهُ غَسَلَ الْأُخْرَى بَعْدَ لِبَاسِهِ الْخُفَّ عَلَى الْمَغْسُولَةِ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ الْآخَرَ ثُمَّ أَحْدَثَ فَالْمَسْحُ لَهُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لِبَاسَهُمَا بَعْدَ غَسْلِ كِلْتَيْ رِجْلَيْهِ، وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَأَصْحَابُهُمَا.
وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَمْسَحُ لَكِنْ إنْ خَلَعَ الَّتِي لَبِسَ أَوَّلًا ثُمَّ أَعَادَهَا مِنْ حِينِهِ فَإِنَّ لَهُ الْمَسْحَ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست