responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 308
قَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ هَذَا إنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ مُعَارَضَةً لِقِيَاسِهِمْ الْفَاسِدِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الْأَحْكَامِ قَالُوا فِيهِ بِالْقِيَاسِ إلَّا وَلِمَنْ خَالَفَهُمْ - مِنْ التَّعَلُّقِ بِالْقِيَاسِ - كَاَلَّذِي لَهُمْ أَوْ أَكْثَرَ فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ بُطْلَانُ الْقِيَاسِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا مَسَحَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ لِمَرَضٍ كَانَ فِي رَأْسِهِ.
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كَلَامُ مَنْ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْكَذِبِ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ مُكَالَمَةِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ لِلْكَذِبِ وَالْإِفْكِ بِقَوْلٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ لَا نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ، وَقَدْ عَجَّلَ اللَّهُ الْعُقُوبَةَ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، بِأَنْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، لِكَذِبِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: قُولُوا مِثْلَ هَذَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، إنَّهُ كَانَ لِعِلَّةٍ بِقَدَمَيْهِ وَلَا فَرْقَ عَلَى أَنَّ امْرَأً لَوْ قَالَ هَذَا لَكَانَ أَعْذَرَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ: لَوْ قُلْتُمْ ذَلِكَ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ أَوْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَلَمْ يُرْوَ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، وَصَحَّ خِلَافُهُ لِلسُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَنَسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي أُمَامَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَلِلْقِيَاسِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى غَيْرِ الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ لِغَيْرِ مَا صَحَّ النَّصُّ بِهِ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عُمُومَ لَفْظٍ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ.
قُلْنَا: هَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقُلْ إنَّهُ لَا يَمْسَحْ إلَّا عَلَى عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ، لَكِنْ عَلِمْنَا بِمَسْحِهِ عَلَيْهَا أَنَّ مُبَاشَرَةَ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ لَيْسَ فَرْضًا، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَأَيُّ شَيْءٍ لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: قُولُوا لَنَا لَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ قَالَ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِمَامَةٍ صَفْرَاءَ مِنْ كَتَّانٍ مَطْوِيَّةٍ ثَلَاثَ طَيَّاتٍ، أَكَانَ يَجُوزُ عِنْدَكُمْ الْمَسْحُ عَلَى حَمْرَاءَ مِنْ قُطْنٍ مَلْوِيَّةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَسَحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ، أَكَانَ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست