responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 268
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . قُلْنَا نَعَمْ، وَهَذِهِ - آثَارٌ صِحَاحٌ، وَكُلُّهَا لَا خِلَافَ فِيهَا لِمَا قُلْنَا.
أَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» فَهُوَ نَصُّ قَوْلِنَا، وَإِنَّمَا فِيهِ أَمْرٌ لِمَنْ جَاءَ الْجُمُعَةَ بِالْغُسْلِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَيُّ وَقْتٍ يَغْتَسِلُ، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ بَعْضُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ لِأَنَّ فِي هَذَا إيجَابَ الْغُسْلِ عَلَى كُلِّ مَنْ جَاءَ إلَى الْجُمُعَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ الْغُسْلِ عَمَّنْ لَا يَأْتِي الْجُمُعَةَ، وَفِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ الَّتِي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ إيجَابُ الْغُسْلِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَعَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، فَهِيَ زَائِدَةٌ حُكْمًا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَالْأَخْذُ بِهَا وَاجِبٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» فَكَذَلِكَ أَيْضًا سَوَاءً سَوَاءً، وَقَدْ يُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَا فِي غَيْرِهِ إلْزَامُهُ أَنْ يَكُونَ إتْيَانُهُ الْجُمُعَةَ لَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَا فِي غَيْرِهِ إلْزَامُهُ أَنْ يَكُونَ أَتَى مُتَّصِلًا بِإِرَادَتِهِ لِإِتْيَانِهَا، بَلْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سَاعَاتٌ، فَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا دَلِيلٌ وَلَا نَصٌّ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ» فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْغُسْلَ بَعْدَ الرَّوَاحِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: 103] وَمَعَ الرَّوَاحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَوْ قَبْلَ الرَّوَاحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] فَلَمَّا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ مُمْكِنًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ اتِّصَالِ الْغُسْلِ بِالرَّوَاحِ أَصْلًا صَحَّ قَوْلُنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَيْضًا فَإِنَّنَا إذَا حَقَّقْنَا مُقْتَضَى أَلْفَاظِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى قَوْلِنَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست