responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 263
هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّ خَبَرَ عَائِشَةَ كَانَ بَعْدَ الْإِيجَابِ لِلْغُسْلِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَبَدًا، بَلْ فِي خَبَرِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْإِيجَابِ لِأَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَالنَّاسُ عُمَّالُ أَنْفُسِهِمْ، وَفِي ضِيقٍ مِنْ الْحَالِ وَقِلَّةٍ مِنْ الْمَالِ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَوَّلِ الْهِجْرَةِ بِلَا شَكٍّ، وَالرَّاوِي لِإِيجَابِ الْغُسْلِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَكِلَاهُمَا مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ وَالصُّحْبَةِ.
أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَإِسْلَامُهُ إثْرَ فَتْحِ خَيْبَرَ، حَيْثُ اتَّسَعَتْ أَحْوَالُ الْمُسْلِمِينَ، وَارْتَفَعَ الْجَهْدُ وَالضِّيقُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَبَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَامَيْنِ وَنِصْفٍ فَقَطْ، فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا عِنْدَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ حَضَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمَا تَرَكَهُ عُثْمَانُ وَلَا أَقَرَّ عُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ عُثْمَانَ عَلَى تَرْكِهِ وَقَالُوا: فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ فَرْضٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا قَوْلٌ لَا نَدْرِي كَيْفَ اُسْتُطْلِقَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ لِأَنَّهُ كُلَّهُ قَوْلٌ بِمَا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مِنْهُ شَيْءٌ لَا نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ، بَلْ نَصُّهُ وَدَلِيلُهُ بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ. أَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: مَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ ذَلِكَ؟ وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ؟ فَإِنْ قَالُوا: وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ اغْتَسَلَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ؟ وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْغُسْلِ قُلْنَا: هَبْكُمْ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عِنْدَنَا بِهَذَا، وَلَا دَلِيلَ عِنْدَكُمْ بِخِلَافِهِ. فَمَنْ جَعَلَ دَعْوَاكُمْ فِي الْخَبَرِ، وَتَكَهُّنَكُمْ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَقَفْوُكُمْ مَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ، أَوْلَى مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي هَذَا - إذْ دَعَوَاكُمْ وَدَعَوَانَا مُمْكِنَةٌ - أَنْ يَبْقَى الْخَبَرُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لَكُمْ وَلَا عَلَيْكُمْ، وَلَا لَنَا وَلَا عَلَيْنَا، هَذَا مَا لَا مَخْلَصَ مِنْهُ، فَكَيْفَ وَمَعَنَا الدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ؟ .
وَأَمَّا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - كِلَاهُمَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْت حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ قَالَ:

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست