responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 209
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ «حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» قُلْنَا: نَعَمْ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ إبَاحَةِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِعْمَالِ جَمِيعِ الْأَخْبَارِ، وَلَا يُوصَلُ إلَى اسْتِعْمَالِهَا إلَّا هَكَذَا، وَهُمْ قَدْ فَعَلُوا هَذَا فِي الشُّرْبِ فِي إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا النِّسَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَوْهُ مِنْ إبَاحَةِ الذَّهَبِ لَهُنَّ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ ظَرْفًا لَا يَحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُ شَيْئًا» قُلْنَا نَعَمْ، هَذَا حَقٌّ وَبِهِ نَقُولُ، وَالْمَاءُ الَّذِي فِي إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ شُرْبُهُ حَلَالٌ، وَالتَّطَهُّرُ بِهِ حَلَالٌ، وَإِنَّمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فِي الشُّرْبِ مِنْهُ وَفِي التَّطَهُّرِ مِنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى - الَّتِي هِيَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ الْمُحَرَّمِ - صَارَ فَاعِلُ ذَلِكَ مُجَرْجِرًا فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ بِالنَّصِّ، وَكَانَ فِي حَالِ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ التَّطَهُّرِ نَفْسِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ عَنْ الطَّاعَةِ، وَأَنْ يُجْزِئَ تَطْهِيرٌ مُحَرَّمٌ عَنْ تَطْهِيرٍ مُفْتَرَضٍ. ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: إنَّ مِنْ الْعَجَبِ احْتِجَاجَكُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَهُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُونَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ بِمَاءٍ فِي إنَاءٍ كَانَ فِيهِ خَمْرٌ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا فِي الْمَاءِ أَثَرٌ، فَقَدْ جَعَلُوا هَذَا الْإِنَاءَ يُحَرِّمُ هَذَا الْمَاءَ، خِلَافًا لِلْخَبَرِ الثَّابِتِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ النَّبِيذَ الَّذِي فِي الدَّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ، وَهُوَ الَّذِي أَبْطَلَ هَذَا الْخَبَرَ وَفِيهِ وَرَدَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إبَاحَةُ الْحُلِيِّ لِلنِّسَاءِ، وَتَحْرِيمُ الْإِنَاءِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ عَلَيْهِنَّ. وَهُوَ قَوْلُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة عدم صِحَّة الْوُضُوء وَالشُّرْب مِنْ الْمَاء الَّذِي بِأَرْضِ ثَمُود]
154 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ الْوُضُوءُ مِنْ مَاءِ بِئَارِ الْحِجْرِ - وَهِيَ أَرْضُ ثَمُودَ - وَلَا الشُّرْبُ، حَاشَا بِئْرَ النَّاقَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْهَا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ ثنا سُلَيْمَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، قَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ» . وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست