اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 57
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
من الوجه، وإذا نوى عند غسل الجزء الظاهر من شفتيه حال المضمضة، فإن النية تصح، لأن ذلك الجزء من الوجه، ثم إن قصد غسله لكونه من الوجه، فلا تلزمه إعادة غسله حال غسل وجهه، أما إذا قصد السنة، فقط أو لم يقصد شيئاً، فإن المعتمد إعادة غسله، فإذا كانت في وجهه جراحة تمنع غسله انتقلت النية إلى غسل الذراعين؛ ثانيهما: أن الشافعية قالوا: إن نية رفع الحدث في الوضوء لا تصح على إطلاقها، كما ذكر المالكية، بل إنما تصح من الصحيح، أما المعذور، كصاحب السلس، فإنه لا بد أن ينوي استباحة الصلاة، أو مس المصحف، أو غير ذلك، مما يتوقف على الوضوء، أو ينوي أداء فرض الوضوء، وذلك لأنه حدثه لا يرتفع بالوضوء، فلو نوى بوضوئه رفع الحدث، لم يرتفع، وإنما أمره الشارع بالوضوء، ليباح له أن يصلي به، أو يفعل به ما يتوقف على الطهارة.
الفرض الثاني: غسل الوجه، وحد الوجه طولاً وعرضاً، هو ما تقدم عند الحنفية، إلا أن الشافعية قالوا: إن ما تحت الذقن يجب غسله؛ وهذا مما انفرد به الشافعية وحدهم، على أن الشافعية وافقوا المالكية، والحنابلة على أن اللحية الطويلة تتبع الوجه، فيفترض غسلها إلى آخرها، خلافاً للحنفية، كما عْرفت، ووافق الشافعية الحنفية، على أن شعر الصدغين والبياض الذي فوق وتدي الأذنين، من الوجه، فيجب غسلهما عندهم بخلاف المالكية، والحنابلة؛ أما تخليل شعر اللحية، فإن الشافعية اتفقوا مع غيرهم من الأئمة على أنه إن كان الشعر خفيفاً بحيث يرى الناظر إليه ما تحته من جلد الوجه - البشرة - فإنه يجب تخليله كي يصل الماء إلى البشرة، وإن كان غزيراً فإنه يجب غسل ظاهره فقط، ويسن تخليله؛ إلا أن المالكية قالوا: إن الشعر الغزير، وإن كان لا يجب تخليله فإنه يجب تحريكه باليد كي يدخل الماء خلال الشعر، وإن لم يصل إلى الجلد، وأما التخليل، فهو غير واجب، فالأئمة متفقون على أن تخليل الشعر الخفيف الذي ينفذ منه الماء إلى الجلد لازم. أما الشعر الغزير، فثلاثة منهم يكتفون بغسل ظاهره. والمالكية يزيدون تحريكه باليد. لا بقصد إيصال الماء إلى الجلد. بل ليغسل من الشعر ما يمكن غسله بسهولة. وغير ذلك خطأ.
الفرض الثالث: غسل اليدين مع المرفقين، وقد اتفق الشافعية مع الحنفية في كل ما تقدم التفصيل، إلا أنهم قالوا: إن الأوساخ التي تحت الأظافر إن منعت من وصول الماء إلى الجلد المحاذي لها من الإصبع، فإنه إزالتها واجبة، ولكن يعفى عن العمال الذين يعملون في الطين ونحوه، بشرط أن لا يكون كثيراً، يلوث رأس الأصبع.
الفرض الرابع: مسح بعض الرأس ولو قليلاً، ولا يشترط أن يكون المسح باليد، فإذا رش الماء على جزء من رأسه أجزأه، وإذا كان على رأسه شعر، فمسح بعضه، فإنه يصح. أما إذا طال شعره، ونزل عن رأسه فمسح جزء من الزائد عن نفس الرأس، فإنه لا يكفي، حتى ولو جمعه وطواه فوق رأسه، فلا بد عندهم من مسح جزء من الشعر الملتصق بنفس الرأس، ثم إنهم قالوا: إذا غسل رأسه بدل مسحها، فإنه يجزئه ذلك، ولكنه خلاف الأولى، فليس بمكروه كما قال غيرهم.
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 57