اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 444
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يسكر فسكر منه؛ وأما السكر بحرام فإنه لا يسقط القضاء، ولا ينتفي معه إثم تأخير الصلاة، ثم إن هذه الأعذار لها ثلاث حالات: الأولى: أن تستغرق جميع وقت الصلاة الاختياري والضروري، كأن يحصل الإغماء مثلاً من زوالالشمس إلى غروبها، وفي هذه الحالة تسقط الصلاة ولا يجب قضاؤها بعد الإقامة، الثانية: أن يطرأ العذر في أثناء الوقت، فإن طرأ وقد بقي ما يسع الصلاتين - الظهر والعصر مثلاً - ففي هذه الحالة تسقط الصلاتان معاً، وأن طرأ وقد بقي من الوقت ما يسع الصلاة الأخيرة فقط أو جزء منها أقله ركعة كاملة بسجدتيها سقطت الأخيرة وبقيت الأولى في ذمته يجب عليه قضاؤها بعد زوال العذر "ومقدار الزمن الذي يسع الصلاتين، وهو ما يسع خمس ركعات حضراً وثلاثاً سفراً بالنسبة للظهر والعصر، وما يسع أربع ركعات حضراً وسفراً بالنسبة للمغرب والعشاء، لأنه يعتبر للمغرب ثلاث ركعات ولو في السفر نظراً لكونها لا تقصر ويعتبر للعشاء ركعة واحدة، لأن الوقت يدرك بها، أما إن طرأ العذر، وقد بقي من الوقت أقل مما ذكر، فإن الوقت يختص بالصلاة الأخيرة، فيعتبر أن العذر طرأ في وقتها فقطن فتسقط دون الأولى، الثالثة، أن يرتفع العذر في آخر الوقت بعد وجوده، وفي هذه الحالة يسقط عن الشخص ما استغرق العذر، وقد بقي من الوقت بعد وجوده، وفي هذه الحالة يسقط عن الشخص ما استغرق العذر وقته من الصلوات السابقة، أما الصلاة التي ارتفع العذر في آخر وقتها فحكمها أنه إن ارتفع العذر، وقد بقي من الوقت زمن يسع الصلاتين بعد الطهارة وجب عليه قضاؤهما، وإن ارتفع وقد بقي منه ما يسع الصلاة الأخيرة فقط أو ركعة منها، كما تقدم، بعد الطهارة وجب عليه قضاءها وتسقط عنه الأولى لخروج وقتها حال
وجود العذر، لأن الوقت إذا ضاق اختص بالأخيرة.
ويتضح من هذا أن الطهارة تقدر في جانب إدراك الصلاة حين زوال العذر، ولا تعتبر في جانب السقوط عند طروه فمن زال عذره، وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة من الصلاة بعد الطهارة وجبت، وإلا فلا، ومن طرأ عذره وقد بقي من الوقت ما يسع إدراك الصلاة ولو بدون الطهارة سقطت عنه الصلاة فلا يقضيها بعد زوال العذر، وكل ما تقدم من الأحكام إنما هو بالنسبة لمشتركي الوقت (الظهر والعصر والمغرب والعشاء) أما الصبح فإن زال العذر وقد بقي من وقتها الضروري ما يسع ركعة بعد الطهارة وجبت وإلا فلا، لأن الوقت لا يدرك إلا بركعة كاملة، كما تقدم، ويلاحظ في هذه الركعة أن يقرأ فيها الفاتحة قراءة معتدلة، وأن يطمئن ويعتدل فيها، ولا يلاحظ الإتيان بالسنن كالسورة، وإن طرأ العذر وقد بقي من وقت الصبح ما يسع ركعة ولو بدون طهارة سقطت وإلا وجب قضاؤها بعد زوال العذر لخروج وقتها قبل طروّه حكماً.
الحنابلة قالوا: إذا طرأ عذر من هذه الأعذار بعد أن مضى من أول الوقت زمن يسع تكبيرة الإحرام وجب قضاء الصلاة بعد زوال العذر، وإن ارتفعت وقد بقي من الوقت ما يسع ذلك وجبت الصلاة التي ارتفع العذر في وقتها والصلاة التي تجمع معها، كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، مثلاً إذا استمر الجنون وقتاً كاملاً، فلا يجب قضاء الصلاة؛ أما إذا طرأ بعد أن مضى من أول الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام فإن الصلاة يجب قضاؤها، فإذا ارتفع الجنون قبل خروج الوقت بزمن يسع تكبيرة
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 444