اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 41
مبحث ماء البئر
لماء الآبار أحكام خاصة، ولذا جعلنا لها مبحثاً خاصاً بها، وفي أحكمها تفصيل المذاهب [1] . [1] الحنفية قالوا: إذا سقط في ماء البئر حيوان له دم سائل، كالإنسان، والمعز، والأرنب، فإن لذلك ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن ينتفخ ذلك الحيوان، أو يتفسخ، بأن تفرق أعضاؤه، أو يتمعط، بأن يسقط شعره، وحكم هذه الحالة نجاسة هذه البئر، ودلوها الذي وضع فيها بعد سقوط ذلك الحيوان، وحبل ذلك الدلو، ثم إذا أمكن نزح جميع الماء الذي فيها، فإنها لا تطهر إلا بنزحة جميعه، فإن لم يمكن، فإنه تطهر بنزح مائتي دلو، بالدلاء التي تستعمل فيها عادة، ولا ينفع النزح إلا بعد إخراج الميت منها، وبذلك تطهر البئر، وحيطانها ودلوها، وحبلها، ويد النازح الذي باشر إخراج الماء المتنجس منها.
الحالة الثانية: أن يموت فيها الحيوان الذي له دم سائل، ولكنه لم ينتفخ، ولم يتفسخ، ولم يتمعط، ولذلك ثلاث صور: الأول: أن يكون آدمياً، أو شاة، أو جدياً، صغيراً كان أو كبيراً، وحكم ذلك كحكم الحالة الأولى، وهو أن ماء البئر، وما يتعلق به من حيطان، ودلو، وحبل، صار نجساً، ولا يطهر إلا بنزح مائها جميعه، إن أمكن، أو بنزح مائتي دلو إن لم يمكن؛ الصورة الثانية: أن يكون ذلك الحيوان صغيراً، كالحمامة، والدجاجة، والهرة، فإذا سقطت في ماء البئر هرة وماتت، ولم تنتفخ أو تتفسخ، أو يسقط شعرها، فإن ماء البئر يتنجس، ولا يطهر إلا بنزح أربعين دلواً منها؛ الصورة الثالثة أن يكون ذلك الحيوان أصغر من ذلك، كالعصفور والفأرة، فإن ماء البئر يتنجس على الوجه المتقدم، ولا يطهر إلا بنزح عشرين دلواً منها.
هذا، ولا فرق بين الصغير والكبير في جميع الأنواع، إلا أن الآدمي، والدجاجة، والفأرة قد رود فيها النص بخصوصها. أما باقي الأنواع، فإن صغيره ملحق بكبيره في ذلك.
الحالة الثالثة: أن يقع في البئر حيوان، ثم يخرج منها حياً، ولذلك صورتان: الصورة الأولى: أن يكون ذلك الحيوان نجس العين وهو الخنزير، وحكم هذه الصورة أن ينزح ماء البئر جميعه. إن أمكن، ومائتا دلو، إن لم يمكن، كحكم ما إذا سقط فيها حيوان وتفسخ، أو انتفخ، أو سقط شعره: الصورة الثانية: أن لا يكون ذلك الحيوان نجس العين، كالمعز ونحوه، وحكم هذه الصورة أنه إذا كان على بدن ذلك الحيوان نجاسة مغلظة، كالعذرة ونحوها، فإن البئر تنجس، كما إذا سقط فيها حيوان نجس العين، أما إذا لم يكن على بدنه نجاسة، فإنه لا ينزح منه شيء وجوباً. ولكن يندب نزح عشرين دلواً منها، ليطمئن القلب، فإذا لم يكن على بدنة نجاسة، ولكن على فمه نجاسة، فإن حكمه قد تقدم في صحيفة قالوا قالوا؟؟، وهو حكم سؤر النجس، فارجع إليه.
هذا، ولا يضر موت ما لا دم له سائل في البئر، كالعقرب، والضفدع والسمك، ونحوها، كما لا يضر سقوط ما لا يمكن الاحتراز منه، كسقوط روث، ما لم يكن كثيراً، بحسب تقدير الناظر إليه.
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 41