اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 352
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها
اتفق الأئمة على أن الجمعة لا تصح إلا بجماعة، ولكنهم اختلفوا في عدد الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بهم، كما اختلفوا في شروط هذه الجماعة، وقد ذكرنا آراء المذاهب تحت الخط [1] .
الذي لا يصح فيه للمسافر أن يقصر الصلاة متى وصل عنده، وسيأتي تفصيله في مباحص "قصر الصلاة" ومثل الفضاء الخندق الموجود داخل سور البلد إن كان لها سور.
الحنفية قالوا: لا يشترط لصحة الجمعة أن تكون في المسجد، بل تصح في الفضاء، بشرط أن لا يبعد عن المصر بأكثر من فرسخ، وأن يأذن الإمام بإقامة الجمعة فيه، كما تقدم في الشروط [1] المالكية قالوا: أقل الجماعة التي تنعقد بها الجمعة اثنا عشر رجلاً غير الإمام، ويشترط فيهم شروط: أحدها: أن يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة، فلا يصح أن يكون منهم عبد أو صبي أو امرأة، الثاني: أن يكونوا متوطنين، فلا يصح أن يكون منهم مقيم ببلد الجمعة لتجارة مثلاً أو مسافر نوى الإقامة أربعة أيام، الثالث: أن يحضروا من أول الخطبتين إلى تمام الصلاة، فلو بطلت صلاة واحد منهم، ولو بعد سلام الإمام، وقبل سلامه هو، فسدت الجمعة على الجميع؛ الرابع أن يكونوا مالكيين أو حنفيين، فإن كانوا من الشافعية أو الحنابلة الذين يشترطون أن يكون عدد الجماعة أربعين، فلا تنعقد الجمعة بهم إلا إذا قلدوا مالكاً أو أبا حنيفة، ولا يلزم عند إقامة أول جمعة في قرية حضور أهل القرية كلهم، بل يكفي حضور الاثني عشر على الراجح؛ ويشترط في الإمام أن يكون ممن تجب عليه الجمعة ولو كان مسافراً نوى الإقامة أربعة أيام، لكن بشرط أن تكون الإقامة بغير قصد الخطبة، فإن أقام بقصد الخطبة فلا يصح أن يكون إماماً.
الحنفية قالوا: يشترط في الجماعة التي تصح بها الجمعة أن تكون بثلاثة غير الإمام، وإن لم يحضروا الخطبة، فلو خطب بحضور واحد، ثم انصرف قبل الصلاة وحضر ثلاثة رجال بعد ذلك وصلى بهم صحت من غير أن يعيد عليهم الخطبة، ويشترط فيها أن يكونوا رجالاً ولو كانوا عبيداً أو مرضى أو مسافرين أو أميين أو بهم صمم، لأنهم يصلحون للإمامة في الجمعة، إما لكل أحد، وإما لمثلهم في الأمي والأخرس بعد أن يخطب واحد غيرهم، إذ لا يشترط أن يكون الخطيب هو إمام الجمعة، فصلاحيتهم للابتداء لغيرهم أولى، بخلاف النساء أو الصبيان، فإن الجماعة في الجمعة لا تصح بهم وحدهم لعدم صلاحيتهم للإمامة بمثلهم فيها ويشترط أن يستمروا مع الإمام حتى يسجد السجدة الأولى. فإن تركوه بعد ذلك بطلت صلاتهم وحدهم وأتمها هو جمعة، وإن تركوه قبل أن يسجد بطلت صلاة الجميع عند أبي حنيفة؛ ويشترط في الإمام أن يكون ولي الأمر الذي ليس فوقه ولي أو من يأذنه بإقامة الجمعة، وهذا شرط في صحة الجمعة، فلو لم يكن الإمام ولي الأمر أو نائبه لم تنعقد الجمعة وصلاها الناس ظهراً، ويجوز لمن أذنه الإمام بإقامة الجمعة أن ينيب غيره، وأن يصرح له بذلك.
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 352