اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 348
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الاستيطان المذكور شرط لانعقاد الجمعة، فلا تنعقد الجمعة إلا بمن كان مستوطناً، بمعنى أنه لو حضر من المستوطنين أقل من أربعين، وكمل العدد بغير متوطن، فإن الجمعة لا تنعقد، ولا تصح، كما لا تجب عليهم من أول الأمر، ومن شروط وجوب الجمعة الإقامة، فلا تجب الجمعة على المسافر، إلا إذا نوى المسافر إقامة أربعة أيام في بلد الجمعة، وإذا خرج للسفر من بلده بعد فجر الجمعة فإنها تجب عليه إذا أدرك الجمعة في المحل المسافر إليه، إما إذا خرج من بلده قبل فجر يوم الجمعة، فإنها لا تجب عليه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون السفر طويلاً أو قصيراً، إلا إذا كان يريد الذهاب إلى مكان قريب يسمع فيه أذان الجمعة من البلدة التي خرج منها، أما إذا سمع النداء من بلدة غيرها فإنها لا تجب عليه، وعلى هذا إذا خرج الحصادون والعمال من بلدهم إلى مكان أعمالهم قبل الفجر، فإن الجمعة عند الشافعية فهي ستة أشياء: الأول: أن تقع كلها وخطبتاها في وقت الظهر يقيناً: الثاني: أن تقع بأبنية مجتمعة، سواء كانت مصراً أو قرية، أو بلداً، أو غاراً بالجبل، أو سرداباً، فلا تصح في الصحراء، والضابط المعتمد لصحة الجمعة في الأبنية ما لا تقصر الصلاة فيه تصح فيه الجمعة كفضاء داخل سور البلد، وما تقصر الصلاة فيه لا تصح فيه، الثالث: أن تقع الصلاة جماعة بشرائطها المتقدمة، الرابع: أن يكون عدد جماعتها أربعين بالشروط المتقدمة، الخامس. أن تكون صلاة الجمعة متقدمة على غيرها في مكانها، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث "تعدد الجمعة"، السادس: تقدم الخطبتين بالأركان والشروط الآتي بيانها.
الحنابلة قالوا: تنقسم شروط الجمعة الزائدة على شرائط الصلاة المتقدمة إلى شروط وجوب. وشروط صحة، فأما شروط وجوبها الزائدة على ما تقدم، فمنها الشروط التي ذكرت عند المالكية، والشافعية، والحنفية، ومنها الحرية، فلا تجب على العبد، والذكورة، فلا تجب على الإناث، وتصح منهم إذا حضروها، ومنها عدم العذر المبيح لتركها، فلا تجب على المريض الذي يتضرر بالذهاب إليها راكباً أو محمولاً، أما إذا قدر ولو بأجرة لا تجحف به، فإنها تجب عليه، ومثل المريض المقعد، ومنها أن يكون مبصراً، فلا تجب على الأعمى ولو وجد قائداً؛ إلا إذا أمكنه أن يستند إلى حبل متصل بمسجد الجمعة، ومنها أن لا يكون وقت حر أو برد شديدين، أو وقت مطر ووحل شديدين كذلك، ومنها أن يخاف من حبس ونحوه، وهو مظلوم لا ظالم، ومنها أن يخاف على مال من الضياع، أو يخاف على عرض أو نفسه، ويشترط أن يكون ضياع المال مجحفاً به، ومنها الإقامة ببناء يشمله اسم واحد كمصر، فكل القاطنين في مدينة مصر تجب عليهم الجمعة، ولو كان بينهم وبين المحل التي تقام فيه فراسخ كثيرة، لأنها مدينة واحدة لها اسم واحد، أما الجهات التي لها أسماء خاصة بها، كعين شمس، ومصر الجديدة، والزيتون ومعادي الخبيري، ونحو ذلك، فإن كل جهة منها مستقلة بنفسها في هذا الشرط، بحيث لا تجب الجمعة إلا على من كان متوطناً بها إذا كانت الجمعة تقام فيها، فإن لم تكن بها مساجد تقام فيها الجمعة، ولكن بجوارها جهة أخرى تقام فيها الجمعة، فإنه يجب أن يذهب إلى
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 348