اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 165
لأنهم متفقون مع غيرهم على أن الصلاة لا تجب الا إذا دخل وقتها الآتي بيانه، فإذا دخل وقتها خاطبه الشارع بأدائها خطاباً موسعاً. بمعنى أنه إذا فعلها في أول الوقت صحت، وبرئت ذمته منها، وإذا لم يفعلها في أول الوقت لا يأثم إلى أن يبقى من الوقت جزء يسير لا يسع الا الطهارة من وضوء أو غسل إن كان جنباً، ويسع الصلاة بعد الطهارة، فإذا أدرك الصلاة كلها في الوقت فقد أتى بها على الوجه الذي طلبه الشارع منه وبرئت ذمته، كما لو أداها في أول الوقت أو وسطه، أما إذا صلاها كلها بعد خروج الوقت فإن صلاته تكون صحيحة، ولكنه يأثم إثماً عظيماً بتأخير الصلاة عن وقتها، وإذا أدرك بعضها في الوقت، وصلى البعض الآخر بعد خروج الوقت، فإن بعض الأئمة يقول: إنه يأثم [1] وبعضهم يقول إنه لا يأثم، على أنهم قد اتفقوا على أن الذي لا يدرك بعض الصلاة يكون قد صلى أداء لا قضاء، فالأداء لا ينافي الإثم عند بعض الأئمة، وقد بينا آراء الأئمة في ذلك تحت الخط الذي أمامك، وإليك بيان أوقات الصلوات الخمس محددة في المذاهب، فأولها الظهر، كما عرفت ويبتدئ وقته عقب زوال الشمس مباشرة. [1] المالكية قالوا: إذا أدرك ركعة من الصلاة في الوقت الاختياري، ثم خرج الوقت وكملها في الوقت الضروري، فإنه لا يأثم. أما إذا لم يؤد ركعة كاملة في الوقت الاختياري، فإنه يأثم سواء صلاها كلها في الوقت الضروري، أو صلى بعضها في الوقت الضروري، وباقيها خارجة؛ وستعرف قريباً أن المالكية يقسمون الوقت إلى ضروري واختياري.
الحنفية قالوا: إذا أدرك جزءاً من الصلاة، ولو تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت. فإن صلاته تكون أداء، ولكنهم يقولون: إذا لم يدرك كل الصلاة قبل خروج الوقت فإنه يكون آثماً، على أنه في هذه الحالة يكون إثمه صغيرة لا كبيرة؛ وستعلم أن الحنفية لا يقسمون الوقت إلى ضروري واختياري، كما يقول المالكية.
الشافعية قالوا: إذا لم يدرك ركعة كاملة من الوقت كانت صلاته قضاء لا أداء، فإذا أدرك ركعة واحدة، ثم خرج الوقت فإنه يكون آثماً إثماً أقل من إثم من صلاها قضاء، فالشافعية متفقون مع الحنفية في ضرورة أداء الصلاة كلها في الوقت المحدد، وفي أنهم ليس عندهم اختياري وضروري، ومتفقون مع المالكية على أن الصلاة لا تكون أداء الا إذا أدرك ركعة كاملة في الوقت الاختياري.
الحنابلة قالوا: تدرك الصلاة المكتوبة أداء بتكبيرة الإحرام فإذا قام للصلاة في آخر الوقت، ثم كبر تكبيرة الإحرام، وبعد الفراغ منها خرج الوقت، كانت صلاته أداء كما يقول الحنفية، ولا إثم عليه متى أدرك تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت فهم متفقون مع الحنفية على أن من أدرك تكبيرة الإحرام في الوقت فقد أدرك الوقت وكانت صلاته أداء ولنهم لم يقولوا إنه يأثم بعد ذلك لأنه قد صلى أداء لا قضاء، وبذلك تعرف المختلف فيه والمتفق عليه في هذه المسألة على الوجه الواضح الصحيح
اسم الکتاب : الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف : عبد الرحمن الجزيري الجزء : 1 صفحة : 165