responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 816
أرجح مما لم يثبت فيهما كما هو معلوم في وجوه الترجيح المذكورة في الأصول وفي علم اصطلاح أهل الحديث.
وأما حديث: "القضاة ثلاثة" فلا شك أن القاضي إذا قضى بالجهل عامدا أو جاهلا للحق فهو مستحق لهذا الوعيد الوارد في هذا الحديث ولكن ليس محل النزاع إلا في قاض يعلم بالحق ويقضي به وقد جعله صلى الله عليه وسلم القاضي الذي في الجنة فهذا الحديث ينبغي أن يكون من أحاديث ترغيب المتأهلين للقضاء في الدخول فيه لا من ترهيبهم وهذا الحديث لفظه في سنن أبي داود وسنن ابن ماجة من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار"، وأخرجه أيضا الترمذي "1322"، والنسائي والحاكم وصححه.
وأما سائر الأحاديث الواردة في الترهيب عن الدخول في القضاء فهي على ما فيها من الضعف محمولة على ما قدمنا في الجمع بين حديث: "فقد ذبح نفسه بغير سكين" وبين أحاديث الترغيب فتبين لك بهذا أن الدخول في القضاء إما واجب مضيق وهو على من لا يغني عنه غيره أو حرام بحت وهو على من لا يفي بما هو معتبر فيه ولم يستجمع فيه ما لا بد منه ومن عدا هذين فالدخول فيه قربة كما تدل عليه الأحاديث المتقدمة وقد يكون الدخول واجبا عليه إذا وثق من نفسه بالقيام بالحق وإجراء الأمور مجاريها والوقوف على الحدود التي حدها الله للقائمين بالأمر وإن كان يغني عنه غيره وأما من كان لا يثق بنفسه بما ذكرنا فهو لم يكمل في حقه المقتضي للدخول ولا وجه لما ذكره المصنف من قسم المكروه والمباح.
وأما ما ورد من النهي عن سؤال الإمارة كما في البخاري "6622، 6722، 7146، 7147"، مسلم "1652"، وغيرهما النسائي "8/225"، أبو داود "2929"، الترمذي "1529"، أحمد "5/62، 63"، من حديث عبد الرحمن بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها"، فهو نهي عن سؤال الإمارة وهو غير محل النزاع لا عن قبولها من غير سؤال فإنه رغب فيه بقوله: "أعنت عليها"، وهكذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي موسى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا يسأله أو أحدا حرص عليه"، فإنه يدل على عدو جواز توليه من أراد العمل أو حرص عليه وأما على عدم قبوله من غير سؤال ولا طلب ولا إرادة وهذا هو الذي كلامنا فيه ومثله في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة"، فإن هذا تنفير عن الحرص عليها وهو مسلم وهكذا ما ورد في هذا المعنى فإنه محمول على ما وقع فيه من التصريح منه صلى الله عليه وسلم وقد ورد "أنه إذا جلس الحاكم في مكانه هبط عليه ملكان يسدادنه ويوفقانه ويرشدانه ما لم يجر فإذا جار عرجا وتركاه"، أخرجه البيهقي من حديث ابن عباس والطبراني من حديث ابن الأسقع والبزار من حديث أبي هريرة

اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 816
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست