responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 755
أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلو ادعى مدع بدعوى يلزم خصمه بإقرار لما تضمنته الدعوى دفع ما أقربه إلى المدعي له وعجز عن البينة ولم يوجب على المدعى عليه اليمين كان ذلك منكرا عظيما وتقريرا لظلم بين وإهمالا لحقوق العباد وفتحا لأبواب التظالم وترويحا لأهل الجسارة بأن يثبوا على الأموال فلا شك ولا ريب أن هذه الشريعة المطهرة بكلياتها وجزئياتها قاضية بوجوب هذه اليمين وقد جاءت السنة في خصوصة هذه الخصوصية أن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين فيكف لا تجب على المنكر الذي يلزم بإقرارة حق لآدمي ما أوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمين.
وإذا تقرر هذا فيما هو حق لآدمي فاعلم أن حقوق الله عزوجل لاحقه بها لأن الزجز عنها وكف أيدي المتجرئين على معاصي الله تعدى حدوده هو من أعظم مقاصد الشرع ومن أكبر أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد قدمنا أن الاحتساب في حق بني آدم ثابت فكيف بحقوق الله التي لا يكون المطالب بها إلا قائما في مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجب على الحاكم أن يسمع دعوى المحتسب بالدعوى محتسب إذا صح موجب الحد بالسبب الشرعي المرضي من بينه أو إقرار فاعرف هذا فإن اشتراط تقدم الدعاوى على ما تنتهي إليه الخصومات من إقامة البينة والإقرار لا دليل عليه وإنما هو باعتبار الغالب أعني أن أسباب الحكم لا يكون في غالب الحالات إلا بعد إيقاع دعوى من مدع وإجابة من مجيب لا باعتبار ما هو الشرع الثابت الذي لا شك فيه ولا شبهه فإن مجرد وجود السبب المقتضي للحد يكفي ويجب على القادر على إقامة حدود الله أن يقيمه على من وجب عليه وإذا استبعد ذهنك هذا فانظر أي دعوى وقعت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على ماعز والغامدية وإذا كان وجود السبب الشرعي مقتض للحد بمجردة فكيف لا يكون مقتضيا للحكم بعد احتساب محتسب بالدعوى.
قوله: "أو كفا عن مطلب".
أقول: وجه هذا أن المدعي لما يبطل الطلب قد أدعى ما يرفع عنه خصومة ويدفع عنه معره فكانت هذه الدعوى من جملة ما يندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين"، وإن لم يقع مثل هذا في زمن النبوة لكنه قد اندرج تحت مطلق قول الشارع ولابد من تقييد هذا بأن لا يظهر من مدعي بطلان الدعوى أنه قاصد للعنت وتطويل ذيل الخصومة وإتعاب غريمة فإن ظهر منه ذلك لم تسمع منه هذه الدعوى.
قوله: "ولا يقسط بوجود البينة في غير المجلس".
أقول: وجه أن اليمين حق للمدعي فإن طلبها وجوز انقطاع الخصومة بفعلها أو النكول عنها كان ذلك له ولا يجب عليه تركها حتى ينظر هل ثم بينة أم لا؟ لكنه إذا اختار اليمين لم يسمع منه البينة من بعد لأن السبب الشرعي المقتضي للحكم وهو اليمين قد وقع ووجب الحكم به وعلى الحاكم عند أن يسمع طلب المدعي ليمين المنكر أن يبين له أنه إذا كان له بينة قبل يمين خصمه وأنه إذا حلف خصمه لم تقبل البينة بعد ذلك وليس هذا من

اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 755
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست