اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 698
وإلا وجبت الكفارة لما تقدم من الأدلة والوفاء بالوعد وبالنذر واجب للأدلة الدالة على أن خلف الوعد من خصال النفاق.
قوله: "وفي المال كون مصرفه قربة".
أقول: وجه هذا الأدلة التي قدمناها في وجوب الوفاء بالنذر في طاعة الله ومن ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد وأبي داود والطبراني والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله"، قال في مجمع الزوائد في إسناده عبد الله بن نافع المدني وهو ضعيف انتهى ولكن هذا المدني لم يكن في إسناد أبي داود لأنه أخرجه عن أحمد بن عبدة الضبي عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده المقال المشهور ولكنه لا يخرج حديثه بذلك عن كونه حسنا.
وهذا الحديث وحديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" المتقدم يدلان على أنه لا يصح أن يكون مصرف النذر مباحا ومنطوقهما أرجح ومفهوم حديث: "لا نذر في معصية الله" وسيأتي مزيد كلام في المباح.
وما قيل من أن كون الفعل قربة وصف عائد إلا الناذر لا إلى المصرف فهو مدفوع بأنها لا تتحقق القربة في فعل الناذر إلا مع ملاحظة كون الصرف في ذلك المصرف قربة فمن هذه الحيثية صح نسبة القربة إلى المصرف.
قوله: "وإنما ينفذ من الثلث" إلخ,
أقول: لما يدل على هذا دليل يخصه وفي القياس على الوصايا لقوله صلى الله عليه وسلم فيها: "الثلث والثلث كثير"، نظرا لأن الوصايا مضافة إلى ما بعد الموت وهذا منجز في حال الحياة فإن كان مضافا إلى ما بعد الموت كان له حكم الوصية.
وقد استدل على هذا بما روي من رده صلى الله عليه وسلم لصدقة من تصدق بجميع ماله كصاحب الثوبين وصاحب البيضة الذهب وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وآله وسلم علل ذلك بأن الفاعل لذلك يتكفف الناس من بعد ذلك.
وهكذا لا يصح قياس هذا على من أعتق الستة الأعبد مع كونه لا يملك غيرهم فأنفذ النبي صلى الله عليه وسلم اعتق اثنين وأرق أربعة لأن ذلك الذي أعتق هؤلاء كان عليه دين فباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأربعة في دينه.
والظاهر أن النذر في حال الصحة نافذ من جميع المال كسائر التصرفات المالية وأما من ادعى تخصيص النذر بهذا الحكم فعليه الدليل.
ويمكن الاستدلال لذلك بحديث كعب بن مالك الثابت في الصحيحين [البخاري "4418"، مسلم "2769"، أنه قال يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة فقال: "أمسك عليك بعض مالك"، وفي لفظ لأبي داود "3321"، قلت: فنصفه؟ قال: "لا"، قلت: فثلثه؟
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 698