اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 693
إطعامهم ولو متفرقين عونتين بإدام ولو مفترقين فإن فاتوا بعد الأولى استأنف ويضمن الممتنع أو تمليك كل منهم صاعا من أي حب أو تمر يقتات أو نصفه برا أو دقيقا وللصغير كالكبير فيهما ويقسط عليه ولا يعتبر إذن الولي إلا في التمليك ويصح الترديد في العشرة مطلقا لا دونهم وإطعام بعض وتمليك بعض كالعونتين لا الكسوة والإطعام إلا أن يجعل أحدهما قيمته تتمة الآخر فالقيمة تجزيء عنهما في الأصح إلا دون المنصوص من غيره ومن لا يملك إلا ما استثني أو بينه وبين ماله مسافة ثلاث أو كان عبدا صام ثلاثا متوالية فإن وجد أو عتق ووجد خلالها استأنف ومن وجد لإحدى كفارتين قدم غير الصوم] .
قوله: "باب: والكفارة تجب من رأس المال".
أقول: قد ذكر الله سبحانه في الكتاب العزيز أن هذه الكفارة هي كفارة الأيمان فأفاد ذلك أنها واجبة على من حنث في يمينه وأما التفصيل بين كونها من رأس المال أو من الثلث فمبني على ما سيأتي في الوصايا وسيأتي الكلام عليه ويؤيد وجوب الكفارة ما قدمنا من الأحاديث المشتملة على الأمر بالتكفير كقوله صلى الله عليه وسلم: "فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه".
قوله: "ولا يجزيء التعجيل".
أقول: يدل على هذا ما في الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما بلفظ فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه وفي لفظ للنسائي وأبي داود من حديث عبد الرحمن ابن سمرة: "إذا حلفت على يمين فكفر عن يمنيك ثم أئت الذي هو خير"، وفي صحيح مسلم من حديث عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير".
وفي هاتين الروايتين دليل على جواز إخراج الكفارة قبل الحنث ويجمع بينهما وبين سائر الروايات المصرحة بتأخير الكفارة عن الحنث بأن الكل جائز ويعكر على هذه الرواية المصرحة بالترتيب بلفظ نعم فإنها تدل على أن تقديم الكفارة على الحنث متحتم ولا يعارضها رواية تأخير الكفارة لأنها بالواو والواو لمطلق الجمع ولا تدل على الترتيب وهذه الروايات المصرحة بتأخير الكفارة معارضة بما ذكرنا من حديث عدي بن حاتم فإنه قدم الكفارة في هذه الرواية وأخر الحنث كما قدم الحنث في تلك الروايات وأخر الكفارة والكل بلفظ الواو التي لمطلق الجمع فتبقى رواية الترتيب بثم خالصة عن المعارض وقد صححها ابن حجر في بلوغ المرام وأخرج نحوها أبو عوانة في صحيحه وكذلك الحاكم أخرج نحوها عن عائشة وأخرج الطبراني من حديث أم سلمة بلفظ: "فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير".
فهذه الأحاديث متعاضدة على تقديم الكفارة على الحنث قال ابن المنذر رأى ربيعة والأوزاعي ومالك والليث وسائر فقهاء الأمصار غير أهل الرأي يعني الحنفية أن الكفارة تجزىء
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 693