اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 69
من القرآن ثم قال: "هكذا من ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية" قال في مجمع الزوائد رجاله موثقون انتهى.
وأما ما روى بلفظ: "لا ولا حرفا" فلم يصح رفع ذلك.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه لم يرد ما يدل على المنع من الكتابة ولا ما يدل على المنع من مس المصحف إلا ما أخرجه الطبراني في الكبير والصغير من حديث عبد الله بن عمر أنه قال صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" قال في مجمع الزوائد رجاله موثقون وذكر له شاهدين من حديث حكيم بن حزام وحديث عثمان بن أبي العاص.
قلت حديث حكيم بن حزام أخرجه الدارقطني والطبراني والحاكم والبيهقي مرفوعا بلفظ: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر" وفي إسناده سويد بن إبراهيم العطار وأبو حاتم وهو ضعيف كما قاله بعض الحفاظ وقال ابن معين لا بأس به وقد صحح الحاكم إسناد هذا الحديث وحسنه الحازمي ووثق رواته الدارقطني.
وأخرج مالك في الموطأ والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث عمرو بن حزم بلفظ: "لا يمس القرآن إلا طاهر"
وأخرج الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص بلفظ كان فيما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمس المصحف وأنت غير طاهر".
قوله: "ودخول المسجد".
أقول: حديث عائشة أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجوه أصحابه وبيوتهم شارعة إلي المسجد: "وجهوا هذه البيوت عن المسجد" [أبو دأود "332"] ، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم فقال: "وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" وهو حديث صحيح ولا وجه لتضعيف ابن حزم له بأفلت بن خليفة الكوفى فهو معروف مشهور صدوق كما صرح بذلك أئمة الحديث وليس بمجهول كما قال وأيضا قد أخرج هذا الحديث من غير طريقه ابن ماجة والطبراني عن جسرة بنت دجاجة عن أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: "إن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض" [ابن ماجة "645"] .
وروى هذا الحديث من طرق وله شواهد فالحجة قائمة بذلك وهو يقتضى تحريم المسجد على الجنب والحائض ولا ينافيه جواز المرور فيه لعابر السبيل وهو المجتاز فيه للحاجة كما فسر الآية جماعة من الصحابة منهم أنس وابن مسعود وجابر وابن عباس وقد قيل إنه المسافر.
وعلى كل حال فهذه رخصة لا تنافى مطلق التحريم وأما الحكم بمنع الصغار من دخول المسجد فلا وجه له لأن رفع قلم التكليف عنهم يقتضي أنها لا تنعقد لهم جنابة ولا يجب عليهم غسل فدخولهم المسجد لا يتنأوله دليل المنع ولا هو محظور في نفسه حتى يجب على المكلفين أن يمنعوهم منه وهذا ظاهر واضح لا يخفى.
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 69