responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 523
قوله: "ويكلف التعيين بعد المدة".
أقول: قد قدمنا أنه لا يصح البيع مع عدم التعيين إلا بشرط الخيار فإذا شرطه كان الاختيار موكولا إلي نظر من له الخيار إن وقع منه الاختيار نفذ البيع وإن لم يقع منه الاختيار فلا بيع وبهذا تعرف أنه لا وجه لتكليفه للتعيين بل يقال له اختر أو اترك فإذا سكت حتى مضت المدة فلا بيع لأن ذلك ترك للاختيار وهو يكفي من غير ما ذكره المصنف من التكليف.
قوله: "ولغبن صبي أو متصرف عن الغير فاحشا".
أقول: خيار الغبن قد أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمنا من حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما قال ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال: "من بايعت فقل: لا خلابة"، وأخرجه أحمد "3/217"، وأهل السنن [أبو داود "3501"، الترمذي " 1250"، النسائي "7/252"، ابن ماجة "2354" وصححه الترمذي "3/552"، من حديث أنس أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبتاع وكان في عقدته يعني في عقله ضعف فدعاه ونهاه فقال: يا رسول الله إني لا أصبر عن البيع فقال: "إن كنت غير تارك للبيع فقل ها وها ولا خلابة"، وأخرجه البخاري في تاريخه وابن ماجه والدارقطني عن محمد بن يحيى بن حبان قال هو جدي يعني الرجل الذي كان يخدع في البيوع وكان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه وكان لا يدع على ذلك التجارة وكان لا يزال يغبن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: "إذا أنت بايعت فقل: لا خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال إن رضيت فأمسك وإن سخطت فارددها على صاحبها". فظهر بهذا أن من كان غير عارف بحقائق الأمور قاصر الفكرة عن معرفة مقادير أثمان المبيعات وما يصلح منها وما لا يصلح فله الخيار حتى يستشير من له خبرة بذلك وذلك ثلاث ليال فيلحق به كل من باع شيئا أو اشتراه وهو غير عارف به وبمقدار قيمته وإن كان مكلفا والنساء في هذا البيع أكثر وقوعا من غيرهن لنقص عقولهن وعدم كمال تمييزهن فإذا وقع الاشتراط من الرجل المتصف بالصفة التى ذكرناها أو من المرأة كما وقع من حبان بن منقذ فهذا خيار أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدر مدته رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من خيار المغابنة وأما إذا لم يقع الاشتراط فمعلوم أن البيع الذى مناطه التراضي لا يتم إلا بالرضا المحقق فإن كان البائع قد رضي بما دفع إليه من الثمن مع علمه أن ذلك هو دون ثمن مثله فلا خيار له بعد ذلك وإن لم يعلم وكان معتقدا أن ذلك هو الثمن الذى تباع به تلك العين فقد كشف ظهور أن العين فوق ذلك الثمن أو أن الثمن فوق تلك العين على أن المشتري أو البائع لم يحصل منهما أو من أحدهما الرضا المحقق وطيب النفس وذلك موجب لعدم حصوله المناط الشرعي بلا يتم التبايع بينهما فإذا حصل الاختلاف فقال البائع قد تبين له أن قيمة مبيعه أكثر أو قال المشتري قد تبين له أن الثمن الذي دفعه أكثر من ثمنه وجب على القاضي أن يرفع الخصومة بينهما بتفويض الأمر إلي العدول الذين لهم خبرة بذلك المبيع ويعمل على قولهم.
وأما إذا كان البائع وكيلا للمالك أو وليا للصبي أو المجنون فالخيار ثابت بطريق الأولى لكن لا مطلقا بل إذا أخبر العدول بالغبن على البائع أو المشتري ووجه ذلك واضح لأنه لم

اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 523
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست