اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 509
وفضالة بن عبيد وأبي بكرة وابن عمر وأبي الدرداء وبلال وبما ذكرناه يرتفع الإشكال على كل تقدير وقد وقع للجلال في هذا المقام من شرحه لهذا الكتاب من الهذيان الذى جرت به عادته ما لا يخفي بطلانه إلا على فاقد الفهم غير نافذ العرفان ولا ناقد لزائف الكلام.
قوله: "وفي أحدهما أولا تقدير لهما التفاضل فقط".
أقول: أما الأجناس الربوية إذا اختلف فيدل على جواز التفاضل فيها دون النساء ما أخرجه مسلم وغيره من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله س وسلم قال: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"، وفي لفظ لأبي دأود والنسائي وابن ماجة: وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا والإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا اختلفت هذه الأصناف"، الخ يدل على أنه يجوز فيها مع الاختلاف التفاضل دون النساء فلا يجوز مثلا بيع الطعام بالدراهم إلا إذا كان يدا بيد وقد استدل من جوز ذلك بما صح في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعأما بنسيئة وأعطاه درعا له رهنا ولا معارضة بين هذا وبين حديث عبادة لإمكان الجمع بأن هذا مخصص لاشتراط التقابض بمثل هذه الصورة إذا سلم المشتري رهنا في الثمن وقد استدل بعضهم بالإجماع على جواز ذلك من غير تقابض إذا كان الثمن نقدا فإذا صح هذا الإجماع كان حجة عند من يرى حجيته.
وأما قول الجلال إنها زيادة تفرد بها عبادة فليس من جنس كلام أهل العلم فإن الزيادة الخارجة من مخرج صحيح مقبولة بالإجماع وتفرد الصحأبي بالرواية حجة عند جميع المسلمين كيف وقدمنا حديث ابن عمر الثابت عند أحمد وأهل السنن مع تصحيح الحاكم له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني أبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فقال: "لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، وأخرجه ابن حبان والبيهقي ولم يأت من أعله بحجة مقبولة وسماك إمام حجة وأما جواز التفاضل فيما لا تقدير له بكيل أو وزن فقد ثبت عند أحمد ومسلم وأهل السنن من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين وثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي وما أظنه يخالف في جواز التفاضل في هذا إذا كان يدا بيد أحد من أهل العلم.
وأما جواز النساء فيه فقد أخرج أحمد وأبو دأود والدارقطني من حديث عبد الله ابن عمر وقال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبعث جيشا على إبل كانت عندي قال فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل وبقيت بقية من الناس وقلت: يا رسول الله الإبل قد نفدت وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم فقال لي: "ابتع علينا إبلا بقلائص من إبل الصدقة
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 509