اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 488
أو يقول أحدهما لصاحبه اختر"، وربما قال: "أو يكون بيع الخيار" وفي لفظ لهما: "أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" وفي لفظ لهما أيضا: "كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار" ولا يخفاك أن بيع مجهول العين مع التخيير داخل في ذلك وفي الباب أحاديث.
قوله: "وميراث علم جنسا ونصيبا".
أقول: لا شك ولا ريب أن قول القائل مثلا بعت منك نصيبي مما ورثته من فلان وهو الثلث أو الربع أو نحوهما من الأراضي أو الدور أو البقر أو الغنم أو نحو ذلك مجهول الكمية والكيفية وما كان كذلك فهو مجهول الكنه.
ومن جملة ما يصدق عليه بيع الغرر الذى ورد النهي عنه في الأحاديث الصحيحة بيع المجهول بأي نوع من أنواع الجهالة كما يفيد ذلك أقوال أئمة اللغة فالعلم بالجنس والنصيب لا يرفع الجهالة فلا يكون ذلك مسوغا للبيع.
والحاصل أن أدلة النهي عن بيع الغرر قد تنأولت هذا وما فوقه في الجهالة وما هو دونه فلا يخرج عن ذلك إلا ما خصصه الدليل من هذا العموم كبيع الغائب وبيع الجزاف كما سيأتي ولا وجه لقول المصنف وميراث بل كل شيء معلوم الجنس والنصيب الكلام فيه كالكلام فى الميراث المعلوم جنسا ونصيبا.
قوله: "ونصيب من زرع قد استحصد".
أقول: وجهه ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة وما أخرجه أحمد وأبو دأود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد ولكن هذين الحديثين إنما يدلان على النهي من البيع إذا كان الزرع قد سنبل حتى يبيض وإذا كان الزرع قد صار حبا حتى يشتد وأما بيعه قبل أن يسنبل ويظهر فيه الحب وهو الذى يقال له بيع القصيل فقال ابن رسلان في شرح سنن أبي دأود واتفق العلماء المشهورون على جواز بيع القصيل بشرط القطع وخالف سفيان الثوري وابن أبي ليلى فقالا لا يصح بيعه بشرط القطع قال وقد اتفق الكل على أنه لا يصح بيع القصيل من غير شرط القطع وخالف ابن حزم الظاهري فأجاز بيعه من غير شرط القطع انتهى ولا يصدق على بيع القصيل أنه بيع المخاضرة الذى ورد النهي عنه لأن في كتب اللغة ما يدل على أن بيع المخاضرة بيع الثمار قبل بدو صلاحها والثمار هى حمل الشجر فلا يتنأول الزرع كما في كتب اللغة أيضا وقد قسر بعض أهل العلم المحاقلة ببيع الزرع قبل أن يغلظ سوقه فإن صح ذلك كان دليلا على المنع وإلا كان الظاهر ما قاله ابن حزم من
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 488