اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 353
إماء لا من يحل ويحرم فيصح من يحل وكل وطء لا يستند إلي نكاح أو ملك صحيح أو فاسد لا يقتضى التحريم] .
قوله: "فصل ويحرم على المرء أصوله وفصوله".
أقول: هذا معلوم بالكتاب والسنة وبإجماع المسلمين اجمعين وهكذا تحريم نساء الأوصل والفصول هو منصوص عليه في الكتاب العزيز وهكذا تحريم فصول أقرب الاصول فإنهم الاخوة والاخوات وابناء الإخوة وأبناء الإخوات وتحريمهم في الكتاب العزيز وهكذا يحرم على الرجل أصول من عقد بها بالكتاب العزيز حيث قال عز وجل: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] ، وظاهره انه لا فرق بين ان يكون قد وقع الدخول ام لا ولكنه قرأ جماعة من الصحابة منهم علي وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير: {وأمهات نسائكم التي دخلتم بهن} فإن صحت هذه القراءة كانت دليلا على انها لا تحرم الا ام المدخولة وادعى بعض أهل العلم ان قوله سبحانه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} يعود إلي قوله: {مِنْ نِسَائِكُمْ} وإلي قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} وفي ذلك الخلاف المعروف في الاصول في القيد إذا جاء بعد متعدد ولكنه يقوى عود هذا القيد إلي الجميع القراءة المذكورة.
ويدل على خلاف هذا التقييد ما أخرجه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: "من نكح امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها حرمت عليه أمها ولم يحرم عليه ابنتها" وهذا لو صح لكان نصا في محل النزاع ولكنه حديث ضعيف وفي إسناده ضعيفان هما المثنى بن الصباح وابن لهيعة فإن صح إسناد تلك القراءة فهي ارجح من هذا الحديث وإن لم يصح إسنادها كان العمل بما يقتضيه قوله تعالي: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} من شموله للمدخولة وغيرها هو المتعين.
قوله: "ولا هما من المملوكة" الخ.
أقول: الامة لا تصير من نساء سيدها الا بوطئها بخلاف الحرة فإنه اتصير من نساء زوجها بالعقد عليها ولا يحتاج إلي قياس الامة على الحرة بل هي داخلة في عموم قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} فإن ترجيح تقييد هذا العموم بتلك القراءة لم تحرم اصول الامة الموطوءة ولا فصولها الا بعد الدخول بها وان لم يترجح التقييد فقد عرفت ان الامة لا تكون من نساء سيدها الا بالدخول فهي قبل الدخول ليست من نسائه فلا تحرم اصولها ولا فصولها الا بدخولها ولهذا اتفقوا على انها لا تحرم ام الامة ولا ابنتها الا بعدالدخول واختلفوا في الزوجة.
وأما قوله: "أو لمس لشهوة ولو بحائل" فلا يتم الا بعد تسليم انه يصدق عليه مسمى الدخول شرعا وهو بعيد وابعد منه قوله: "أو نظر مباشر ولو خلف صقيل".
والحاصل انه إذا لم يصدق على هذا اللمس وهذا النظر انه وطء ولا دخول شرعا فصدق ذلك لغة ابعد وأبعد وقد عرفناك ان الامة لا تكون من نساء سيدها الا بالوطء لا بمجرد الشراء ولا بما لا يصدق عليه مسمى الوطء.
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 353