اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 222
وأما ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس وابن مسعود وبريدة أنهم أدخلوا النبي صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة فقد ضعف هذا الحديث البيهقي وأيضا لا تقوم به الحجة لأنه فعل لبعض الصحابة قال في البدر المنير إن ذكر أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة وهو غير ممكن كما ذكره الشافعي في الأم وأطنب في الشناعة على من يقول ذلك ونسبه إلي الجهالة ومكابرة الحس انتهى.
وأما قوله: "وتوسيده نشزا أو ترابا وحل العقود" فلم يرد في هذا شيء والاقتداء بما ثبت في الشريعة أولى من ابتداع ما ليس فيها.
وأما قوله: "وستر القبر حتى توارى المرأة" ففي ذلك ما ذكره سعيد في سننه في رواية من حديثه السابق أن عبد الله بن زيد قال أنشطوا الثوب فإنما يصنع هذا بالنساء وأخرجه الطبراني وقال إنه لم يدعهم يمدون ثوبا وقال هذا السنة ويعارضه ما رواه عبد الرزاق من حديث سعد بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر على قبر سعد بن معاذ حين دفن ولكن في إسناده مجهول فلا تقوم به الحجة وأيضا قد قيل إن سبب ذلك أن لا تظهر رائحة من جرح سعد الذي مات به.
قوله: "وثلاث حثيات من كل حاضر ذاكرا".
أقول: استدل لذلك بما أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا ورجال إسناده ثقات وأما أبو حاتم فقال في العلل هذا الحديث باطل وقال ابن حجر إسناده ظاهر الصحة لكن أبو حاتم إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له قال وأظن العلة فيه عنعنة الأوزاعي وعنعنة شيخه اهـ.
ويؤيده ما أخرجه البزار والدرقطني عن عامر بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه وكبر عليه أربعا وحثى على قبره بيديه ثلاث حثيات من التراب وهو قائم عند رأسه وزاد البزار فأمر فرش عليه الماء وقال البيهقي وله شاهد من حديث جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا وله شاهد آخر عند أبي دأود في المراسيل أن النبي صلى الله عليه وسلم حثى على قبر ثلاثا وفي إسناده مجهول كما قال أبو حاتم وشاهد ثالث عند البيهقي من حديث أبي أمامة قال توفي رجل فلم نصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه وشاهد رابع أخرجه أبو الشيخ عن أبي هريرة مرفوعا: "من حثى على قبر مسلم احتسابا كتب له بكل ثراة حسنة" قال ابن حجر: إسناده ضعيف.
وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا فتدل على أن لذلك أصلا في الشريعة وأما ما يشرع من الذكر فأخرج أحمد ["2/27، 40، 59، 69، 127، 128"، وأبو دأود "3213"، والترمذي 1046"، وابن ماجه 1550"] ، من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان إذا وضع الميت في القبر قال: "بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ "وعلى سنة رسول الله" وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم.
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 222