اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 217
قوله: "وخمس تكبيرات".
أقول: قد ثبتت الخمس في صحيح مسلم ["72/957"] ، وغيره [أبو دأود "3197"، الترمذي "1023"، النسائي "4/72"، ابن ماجة "1505"، أحمد "4/367"] ، من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعا وأنه كبر خمسا على جنازة فسألته فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها وأخرج أحمد ["7/231"] ، عن حذيفة أنه صلى على جنازة فكبر خمسا ثم التفت فقال: ما نسيت ولا وهمت ولكن كبرت كما كبر النبي صلى الله عليه وسلم صلى جنازة فكبر خمسا وفي إسناده يحيى بن عبد الله الجابري وهو متكلم عليه ولكن السنة التي هي أظهر من شمس النهار المروية من طريق جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما أنه كان صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا وهو مذهب الجماهير قال ابن عبد البر إنه انعقد الإجماع بعد الاختلاف على أربع وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع على ما جاء في الأحاديث الصحاح وما سوى ذلك عندهم فشذوذ لا يلتفت إليه قال ولا نعلم أحدا من أهل الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى انتهى.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: كل ذلك قد كان أربعا وخمسا فاجتمعنا على أربع.
واعلم أنه لم يصح شيء في الزيادة على الخمس ولا في النقص عن أربع مرفوعا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأخذ بالأربع هو الذي لا ينبغي غيره لأن تلك الرواية عن زيد بن أرقم قد صرحت بأنه كان يكبر على الجنائز أربعا فلو علم ثبوت الخمس عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدل عنه إلي الأربع في جميع صلاته على الجنائز إلا في تلك المرة الواحدة وعلى تقدير أنه وقع منه صلى الله عليه وسلم التكبير خمسا على جهة الندور والقلة فالذي ينبغي الاعتماد على ما هو الأعم الأغلب مما ثبت عنه ولا سيما بعد إجماع الصحابة ومن بعدهم عليه.
وأما ما ذكره المصنف من فرضية القيام فلكون صلاة الجنازة لا تتم إلا به وهو ركنها الأعظم وقد قدمنا أنها فرض كفاية على المسلمين فكان القيام من هذه الحيثية فرضا.
وأما ما ذكره من فرضية التسليم فلكونها صلاة وقد تقدم أن الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وقدمنا وجه الاستدلال بهذا الحديث على فرضية التسليم وفيه الكفاية
قوله: "وندب بعد الأولى الحمد".
أقول: صلاة الجنازة صلاة من الصلوات التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فهذا يكفي في كونها فرضا في صلاة الجنازة بل في كونها شرطا يستلزم عدمها عدم الصلاة فكيف وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في صلاة الجنازة فاتحة الكتاب.
وأما قوله: "وبعد الثانية الصمد وبعد الثالثة الفلق"، فلم يرد في هذا شيء وإنما هو مجرد استحسان من بعض أهل العلم ولا يثبت بمثل ذلك شرع عام ولا خاص ولا تعبد الله أحدا من
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 217