اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 118
والأحاديث الواردة بأن من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها هي رخصة للمعذورين كالنائم والساهي لا لهؤلاء فإنهم مأمورون بفعل الصلاة في وقتها كغيرهم.
فانظر هذه الفائدة التي استفادها المقلد المسكين من هؤلاء المصنفين في علم الدين.
وأما قياس هؤلاء على المتيمم فقياس باطل ودعوى كون صلاة الجميع بدلية مصادرة على المطلوب لأن ذلك هو محمل النزاع.
ثم لو قدرنا صحة القياس تنزلا لكان الأصل المقيس عليه وهو التيمم والمتيمم ممنوعا فإنه ليس على كونه يؤخر الصلاة إلي آخر الوقت أثارة من علم بل ذلك خلاف الأدلة الدالة على أن المتيمم كغيره يصلي في أول الوقت كما يصلي غيره.
وقد قدمنا في باب التيمم ما فيه كفاية فلا أصل ولا فرع ولا عقل ولا شرع.
ثم انظر كيف تلون الكلام في هذه الأحكام فإنه استثنى من ناقص الصلاة والطهارة المستحاضة ونحوها ثم أثبت لمن عداهم جمع المشاركة وهذا كله ظلمات بعضها فوق بعض وخبط يتعجب منه الناظر فيه إذا كان له أدنى تمييز.
والحاصل أن هذا القول لم يسمع في أيام النبوة وقد كان فيهم الزمني وأهل العلل الكثيرة وفيهم من قال له صلى الله عليه وسلم: "صل قائما فإن لم تسطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب" [البخاري "1117"، النسائي "3/224"، أبو دأود "952"، الترمذي "372"، ابن ماجة "1223"] ، ولم يسمع بأنه أمر احدا منهم بتأخير الصلاة عن وقتها ولا جاء في ذلك حرف واحد لا من كتاب ولا من سنة وهكذا لم يسمع شيء من ذلك في عصر الصحابة بعد موته صلى الله عليه وسلم ولا في عصر من بعدهم من التابعين وتابعيهم ولم يقل بذلك أحد من أهل المذاهب الأربعة ولا من سائر أهل الأرض فمثل هذه المسائل من عجائب الرأي الذي اختص به أهل أرضنا هذه.
اللهم غفرا.
قوله: "وللمريض المتوضىء والمسافر ولو لمعصية" الخ.
أقول: أما الجمع للمسافر فقد ثبت بالأحاديث الكثيرة أما جمع التأخير فأحاديثه في الصحيحين [البخاري"1112"، مسلم "46/704"] وغيرهما وأما جمع التقديم فهو ثابت بأحاديث حسان مع مقال فيها ومع معارضتها لما في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا زالت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب.
وأما الجمع للمريض والخائف وفي المطر فلم يرد في ذلك دليل يخصه إلا ما يفهم من قول الرواة لحديث الجمع بالمدينة فإنهم قالوا من غير خوف ولا سفر ولا مطر. [مسلم "49/705"، البخاري"543"، أبو دأود "214"، الترمذي "187"، النسائي "1/290"] .
وقد استدلوا على جواز الدجمع لهم بقياسهم على المسافر وليس بقياس صحيح ولو كان صحيحا لجاز لهم قصر الصلاة وقد مرض النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل إلينا أنه جمع بين الصلوات وكذلك ما نقل إلينا أنه سوغ لأحد من المرضى جمع الصلوات.
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 118