اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 106
على طهارة المكان إلا بمثل قوله تعالي: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26] الآية وبقوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] وقد عرفناك أن الشرط لا يثبت إلا بدليل خاص وأن دليل الوجوب لا يثبت به الشرطية وفيما أسلفناه كفاية فارجع إليه.
قوله: "السادس: تيقن استقبال عين الكعبة أو جزء منها".
أقول: قال الله تعالي: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] ، وشطره سواء كان جهته أو نحوه أو تلقاءه أو قبله على اختلاف تفاسير السلف للشطر يدل على أن استقبال الجهة يكفي من الحاضر والغائب إلا إذا كان حال قيامه إلي الصلاة معاينا للبيت لم يحل بينه وبينه حائل إلا إذا كان في بعض بيوت مكة أو شعابها أو فيما يقرب منها وكان بينه وبين البيت حائل حال القيام إلي الصلاة فإنه لا يجب عليه أن يصعد إلي مكان آخر يشاهد منه البيت بل عليه أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام وليس عليه غير ذلك ولم يأت دليل يدل على غير هذا.
وأما ما أخرجه البيهقي في سننه عن ابن عباس مرفوعا "البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي" فمع كونه ضعيف الا ينتهض للاحتجاج به هو أيضا دليل على ما ذكرنا لأن من كان في المسجد فهو معاين المبيت ولا حائل بينه وبينه وقد جعل البيت قبلة لأهل الحرم وذلك يدل على أنه لا يجب على أهل الحرم إلا استقبال الجهة وأما غيرهم فذلك ظاهر. والمراد ما بين المشرق والمغرب فإذا توجه إلى جهة التي بينهما فقد فعل ما عليه لحديث "ما بين المشرق والمغرب قبلة" أخرجه الترمذي [342,343] وابن ماجه [1011] من حديث أبي هريرة وأخرجه ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عمر ولا يحتاج المصلي أن يرجع في أمر القبلة إلي تقليد أحد من الأحياء ولا إلي المحاريب المنصوبة في المساجد فمحرابه ما بين المشرق والمغرب. وكل عاقل يعرف جهة المشرق والمغرب ولا يخفى ذلك إلا على مجنون أو طفل.
قوله: "ويعفى لمتنفل راكب"
أقول: قد دلت على هذا الأدلة الصحيحة الثابتة في الصححيحين وغيرهما إلا أن قوله: "في غير المحمل" إن كان وقوفا مع النص وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الاستقبال لراكب الدابة إذا أراد أن يتنفل فلا شك أن الأمر كذلك فإنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر من كان راكبا في محمل وإن كان يصدق عليه أنه راكب للدابة وإن كان لكون من في المحمل يمكنهم الاستقبال فهذا مسلم وغيره مثله فإنه إذا تمكن الراكب من الاستقبال استقبل سواء كان في محمل أو في غير محمل وإن كان لا يتمكن من الاستقبال كان له أن يتنفل إلي غير القبلة سواء كان في محمل أو في غيره فلا وجه لهذا الاستثناء.
قوله: "ولا يعيد المتحري المخطىء إلا في الوقت".
أقول: حديث السرية يرد ذلك وهو ما أخرجه أبو دأود الطيالسي وعبد بن حميد
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 106