اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 181
يدخل في ذلك الوعيد انتهى. وتعقبه في سبل السلام وقال: قوله لا لتعظيم له يقال اتخاذ المسجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له, ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر, والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان التي تعظم الجمادات التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر, ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية ولأنه سبب لا يقاد السرج عليها الملعون فاعله ومفاسد مابني على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر, وقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس لعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج وقد حققنا ذلك في رسالة مستقلة انتهى. وزخرفتها لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "ما أمرت بتشييد المساجد" أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان. قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى, والتشييد رفع البناء وتزيينه بالشيد وهو الجص والحديث ظاهر في الكراهة أو التحريم لقول ابن عباس كما زخرفت اليهود والنصارى فإن التشبه بهم محرم وذلك أنه ليس المقصود من بناء المساجد إلا أن تكن الناس من الحر والبرد وتزيينه يشغل القلوب عن الإقبال على الطاعة, ويذهب الخشوع الذي هو روح جسم العبادة. والقول بأنه يجوز تزيين المحراب باطل. قال المهدي في البحر: إن تزيين الحرمين لم يكن برأي ذي حل وعقد ولا سكوت رضا أي من العلماء, وإنما فعله أهل الدول الجبابرة من غير مؤاذنة لأحد من أهل الفضل وسكت المسلمون والعلماء من غير رضا وهو كلام حسن, وفي قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "ما أمرت" إشعار بأنه لا يحسن فإنه لو كان حسنا لأمره الله تعالى به صلى الله تعالى عليه وآله وسلم, وأخرج البخاري من حديث ابن عمر أن مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم كان على عهده مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كبيرة وبنى جدرانه بالأحجار المنقشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج. قال ابن بطال: وهذا يدل على أن السنة في بنيان
اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 181