اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 178
على قبر عثمان بن مظعون ثلاثا. وفي الباب غير ذلك. ولا يرفع القبر زيادة على شبر لحديث علي عند مسلم وأحمد وأهل السنن: أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يدع تمثالا إلا طمسه ولا قبرا مشرفا إلا سواه. وفي مسلم أيضا وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء ورفعه شبرا. أقول: الأحاديث الصحيحة وردت بالنهي عن رفع القبور وقد ثبت من حديث أبي الهياج ما تقدم فما تصدق عليه أنه قبر مرفوع أو مشرف لغة فهو من منكرات الشريعة التي يجب على المسلمين إنكارها وتسويتها من غير فرق بين نبي وغير نبي وصالح وطالح فقد مات جماعة من أكابر الصحابة في عصره صلى الله عليه وسلم ولم يرفع قبورهم بل أمر عليا بتسوية المشرف منها ومات صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرفع قبره أصحابه وكان من آخر قوله: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ونهى أن يتخذوا قبره وثنا فما أحق الصلحاء والعلماء أن يكون شعارهم هو الشعار الذي أرشدهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم وتخصيصهم بهذه البدعة المنهي عنها تخصيص لهم بما لا يناسب العلم والفضل فإنهم لو تكلموا لضجوا من اتخاذ الأبنية على قبورهم وزخرفتها لأنهم لا يرضون بأن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته فإن رضوا بذلك في الحياة كمن يوصي من بعده أن يجعل على قبره بناء أو يزخرفه فهو غير فاضل والعالم يزجره علمه عن أن يكون على قبره ما هو مخالف لهدي نبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها, وما أسرع ما خالفوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته فجعلوا قبره على هذه الصفة التي هو عليها الآن, وقد شد من عضد هذه البدعة ما وقع من بعض الفقهاء من تسويغها لأهل الفضل حتى دونوها في كتب الهداية والله المستعان, ومثل هذا التسويغ الكتب على القبور بعد ورود صريح النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة[1] كأنه لم يكف الناس ابتداعهم في مطعمهم [1] روى الحاكم في المستدرك جزء 1 ص 370 من حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والكتاب فيها والبناء عليها والجلوس عليها ثم قال: هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف. قال الذهبي عقبه: قلت: ما قلت طائلا ولا نعلم صحابيا فعل ذلك إنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم ولم يبلغهم النهي.
اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 178