اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 123
عن ذلك أنه لا فرق بين كون الكارهين من أهل الفضل أو من غيرهم فيكون مجرد حصول الكراهة عذرا لمن كان يصلح للإمامة في تركها وغالب الكراهات الكائنة بين هذا النوع الإنساني خصوصا في هذه الأزمنة راجعة إلى أغراض دنيوية والراجع هنا إلى أغراض دينية أقل قليل ومع كونه كذلك فغالبه صادر عن اعتقادات فاسدة وخيالات مختلفة كما يقع بين المتخالفين في المذاهب فإن العصبية الناشئة بينهم تعمي بصائرهم عن الصواب فلا يقيم أحدهم للآخر وزنا ولا ينظر إليه إلا بعين السخط لا بعين الرضا فيرى محاسنه مساويء كائنة ما كانت, وقد تقع هذه العداوة بين أهل مذهب واحد باعتبار الاختلاف في كون أحدهم من المشتغلين بالدين والعلم والآخر من الجهلة المتهتكين وكثيرا ما ترى أرباب المعاصي إذا رأوا أرباب الدين والعلم تضيق بهم الأرض بطولها والعرض ولا يطيقونهم بغضا فإن كان ثَمّ دليل يدل على تخصيص الكراهة بما كان منها راجعاً إلى ما هو مختص بالله عز وجل كمن يكره إنسانا لكونه مكبا على المعاصي أو متهاونا بما أوجبه الله عليه فهذه الكراهة هي الكبريت الأحمر لا توجد حقيقتها إلا عند أفراد من العباد وإن لم يوجد دليل يخصص الكراهة بذلك فالأولى لمن عرف أن جماعة من الناس يكرهونه لا لسبب أو لسبب ديني أن لا يؤمهم وأجره في الترك يفضل أجره في الفعل. "ويصلي بهم صلاة أخفهم" لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء" وفي الباب أحاديث صحيحة واردة في التخفيف. قال في الحجة: وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يطول ويخفف على ما يرى من المصلحة الخاصة بالوقت واختار بعض السور في بعض الصلوات لفوائد من غير حتم ولا طلب مؤكد فمن اتبع فقد أحسن ومن لا فلا حرج, وقصة معاذ في الإطالة مشهورة انتهى حاصله. وأما ارتفاع الإمام عن المأموم فلا يضر قدر القامة ولا فوقها لا في المسجد ولا في غيره من غير فرق بين الارتفاع والانخفاض والبعد والحائل ومن زعم أن شيئا من ذلك تفسد به فعليه الدليل ولا دليل إلا ما روي عن حذيفة أنه أم الناس بالمدائن على دكان الحديث أخرجه أبو داود وصححه ابن
اسم الکتاب : الروضة الندية شرح الدرر البهية - ط المعرفة المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 123