responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشاف القناع عن متن الإقناع المؤلف : البهوتي    الجزء : 1  صفحة : 473
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ أَنَّ الزُّهْدَ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ، وَالْوَرَعُ تَرْكُ مَا يُخْشَى ضَرَرُهُ فِي الْآخِرَةِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ يُقَدَّمُ (مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ الْمُصَلُّونَ، أَوْ كَانَ أَعَمْرُ لِلْمَسْجِدِ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالشَّارِحِ وَالْمَذْهَبِ، كَمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا يُقْرَعُ (ثُمَّ قُرْعَةٌ) مَعَ التَّشَاحِّ؛ لِأَنَّ سَعْدًا أَقْرَعَ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فِي الْآذَانِ، وَالْإِمَامَةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

(فَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَفْضُولُ) عَلَى الْفَاضِلِ بِلَا إذْنِهِ (جَازَ) أَيْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ.
(وَكُرِهَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ» ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ.
(وَإِذَا أَذِنَ الْأَفْضَلُ لِلْمَفْضُولِ لَمْ يُكْرَهْ) أَنْ يَتَقَدَّمَ (نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي التَّقَدُّمِ لَهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ أَبَاهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ، أَوْ فِيهِ مَزِيَّةٌ يُقَدَّمُ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ الصِّدِّيقُ عَلَى أَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ (وَصَاحِبَ الْبَيْتِ وَإِمَامَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ عَبْدًا، وَلَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ إذَا كَانَ إمَامَ مَسْجِدٍ أَوْ صَاحِبَ بَيْتٍ (بِالْأَحْرَارِ) جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَأَبَا ذَرٍّ صَلَّوْا خَلْفَ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ وَهُوَ عَبْدٌ رَوَاهُ صَالِحٌ فِي مَسَائِلِهِ (أَحَقُّ بِإِمَامَةِ مَسْجِدٍ وَبَيْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ (إذَا كَانَ) إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ صَاحِبَ الْبَيْتِ (مِمَّنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا) .
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى أَرْضًا لَهُ عِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لَهُ، فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فَأَبَى وَقَالَ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ وَكَسْرًا لِقَلْبِهِ (فَيَحْرُمُ تَقْدِيمُ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا بِدُونِ إذْنٍ) ؛ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَيْهِمَا (وَلَهُمَا تَقْدِيمُ غَيْرِهِمَا وَلَا يُكْرَهُ) لَهُمَا أَنْ يُقَدِّمَا غَيْرَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا (بَلْ يُسْتَحَبُّ) تَقْدِيمُهُمَا لِغَيْرِهِمَا (إنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُمَا) مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْفَضْلِ.

(وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ (ذُو سُلْطَانٍ وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، ثُمَّ نُوَّابُهُ كَالْقَاضِي، وَكُلُّ ذِي سُلْطَانٍ أَوْلَى مِنْ) جَمِيعِ (نُوَّابِهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا وَلِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَامَّةً وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» (وَسَيِّدٌ فِي بَيْتِ عَبْدِهِ أَوْلَى) بِإِمَامَةٍ (مِنْهُ) لِوِلَايَتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ (وَحُرٌّ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ مُبَعَّضٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي أَحْكَامِهِ وَأَشْرَفُ وَيَصْلُحُ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (وَمُكَاتَبٌ وَمُبَعَّضٌ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ) لِحُصُولِ بَعْضِ الْأَكْمَلِيَّةِ وَالْأَشْرَفِيَّةِ فِيهِمَا (وَحَاضِرٌ) أَيْ مُقِيمٌ أَوْلَى مِنْ مُسَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَرَ،

اسم الکتاب : كشاف القناع عن متن الإقناع المؤلف : البهوتي    الجزء : 1  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست