اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 75
حالة الشك بالنية:
إن الشك بالنية أثناء الوضوء استأنف الوضوء، أما إن الشك بالنية بعد الانتهاء من الوضوء فلا يضر، وكذا لو شك في غسل عضو أثناء الوضوء استأنف، أما بعد انتهاء الوضوء فلا يضر.
فرائض الوضوء
هناك فرق بين الفرض والشرط هو: أن الفرض مرادف للركن، وهو ما كان من حقيقة الشيء، أما الشرط فهو ما توقف عليه وجود الشيء ولم يكن من حقيقته.
وفرائض الوضوء هي:
أولاً: غسل الوجه: ودليل فرضيته قوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) [1] ، والسنن المتظاهرة، والإجماع. وحد الوجه: من منابت شعر رأس المعتاد إلى منتهى آخر الذقن لمن ليست له لحية وإلى آخر شعر اللحية لمن له لحية، وما بين شحمتي الأذنين عرضاً. وإن كان شعر الوجه كثيفاً يكتفى بغسله، وإن كان خفيفاً يغسل الشعر والبشرة. ويستحب تخليل الشعر الكثيف، أما الشعر المسترسل من اللحية عن حد الوجه ففيه روايتان. إحداهما: لا يجب غسله، والثانية: يجب لأنه نابت في بشرة الوجه. ويدخل في الوجه العِذار [2] والعارض والصدغ. ويستحب أن يزيد في ماء الوجه لأن فيه غضوناً وشعراً وأن يمسح مآقيه.
ويدخل في غسل الوجه فرض ضمني، وهو المضمضة والاستنشاق فهما واجبان في الطهارتين الكبرى والصغرى على اعتبار أنهما داخلان في حد الوجه. -[76]-
ثانياً: غسل اليدين مع المرفقين: ودليل فرضيته قول تعالى: (وأيديكم إلى المرافق) [3] ، وحديث جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه) [4] ولأن (إلى) في الآية بمعنى (مع) كقوله تعالى: (من أنصاري إلى الله [5] أي مع الله وكذلك قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) [6] أي مع أموالكم ز ويجب غسل تكاميش الأصابع وما تحت الأظافر إن طالت، ويعفى عن وسخ الأظافر إن كان يسيراً، ويجب غسل الأصبع الزائدة واليد الزائدة إذا كان أصلها في محل الفرض، وإن كان أقطع اليد غسل ما بقي من الفرض، وإن لم يبق من اليد شيء سقط الغسل.
ثالثاً: مسح الرأس: لقوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} [7] . ويجب مسح الرأس كله من منابت الشعر المعتاد إلى نقرة القفا، لأن الباء (برؤوسكم) زائدة. ولا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر ولا يجزئ عن مسح الرأس سواء رده فعقصه على رأسه أو لم يرده، ولو أدخل يده تحت الشعر فمسح البشرة دون الظاهر لم يجزئه، لأن الحكم يتعلق بالشعر، ولو مسح رأسه ثم حَلَقه لا يجب عليه إعادة مسحه.
وظاهر قول الإمام أحمد رضي الله عنه: أن المرأة يجزئها مسح بعض الرأس بدليل ما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين) [8] وأن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تمسح مقدم رأسها. والمستحب أن يمر بيديه من مقدم رأسه إلى قفاه ثم يعدهما، لأن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم: (ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح -[77]- برأسه. فأقبل بيديه وأدبر) [9] ولا يستحب التكرار، لأن أكثر من وصف وضوءَهُ صلى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح مرة واحدة. وعن الإِمام أحمد: يستحب التكرار لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ومن توضأ ثلاثاً فذلك وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي) [10] .
وهناك فرض ضمني في مسح الرأس وهو مسح الأذنين، فهما يعتبران من الرأس لحديث شهر بن حوشب عن أبي أمامة رضي الله عنه، وذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين، قال: وقال: الأذنان من الرأس) [11] لكن يستحب إفرادهما بماء جديد، لأنهما كالعضو المنفرد، وإنما هما من الرأس على وجه التبع. ويستحب أن يُدخِل سباحتيه في أذنيه ويجعل إبهاميه لظاهرهما.
رابعاً: غسل الرجلين مع الكعبين: ودليل فرضيته قوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين) [12] ولا يجزئ مسح الرجلين لما روى عمر رضي الله عنه (أن رجلاً توضأ فترك موضع ظُفر على قدمه اليمنى فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فأحسن وضوءك. فرجع ثم صلى) [13] .
ومن كان أقطع اليدين وقدر على أن يستأجر من يوضأه بأجر المثل لزمه ذلك كما لزمه شراء الماء.
خامساً: الترتيب: ودليله أن الله تعالى أدخل ممسوحاً بين مغسولات، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُنْقَل عن الوضوء إلا مرتباً. فإن نكس أعضاء الوضوء لم يصح وضوءه. وترتيب أعضاء الوضوء يكون على الشكل التالي:
-1ً- النية (شرط) .
-2ً- التسمية (واجب) . -[78]-
-3ً- غسل الكفين ثلاثاً (سنة ما لم يكن مستيقظاً من النوم فهو واجب) .
-4ً- المضمضة والاستنشاق (فرض عملي ضمني) .
-5ً- غسل الوجه (فرض) .
-6ً- غسل اليدين مع المرفقين (فرض) .
-7ً- مسح كل الرأس (فرض) .
-8ً- مسح الأذنين (فرض عملي ضمني) .
-9ً- غسل الرجلين مع الكعبين (فرض) .
سادساً: الموالاة بين غسل الأعضاء: وهي أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله لأنه صح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة) [14] . فلو لم تجب الموالاة لأجزأه غسلها، ولأنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه والى بين غسل أعضاء الوضوء.
وعكس الموالاة التفريق: وهو أن يؤخر غسل عضو حتى يمضي زمن ينشف فيه الذي قبله في الزمان المعتدل، أما إن أخر غسل عضو لأمرٍ في الطهارة من إزالة وسخٍ أو دلك عضوٍ لم يقدح في طهارته. [1] المائدة: 6. [2] الشعر المحاذي للأذنين. [3] المائدة 6. [4] البيهقي: ج-1/ص 56. [5] آل عمران: 52. [6] النساء: 2. [7] المائدة: 6. [8] مسلم: ج-1/ كتاب الطهارة باب 23/83. [9] مسلم: ج-1/ كتاب الطهارة باب 7/18. [10] مسند الإمام أحمد: ج-2/ص 98. [11] أبو داود: ج-1/ كتاب الطهارة 50/134. [12] المائدة: 6. [13] مسلم: ج-1/ كتاب الطهارة باب 10/31. [14] أبو داود: ج-1/ كتاب الطهارة باب 67/175.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 75