اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 50
ثانياً: النجاسات:
تعريف النجاسة أو الخبث:
النجاسة لغة: كل شيء مستقذر حسياً كان أو معنوياً فيقال للآثام وإن كانت معنوية وفعلها نَجَس. قال تعالى: (إنما المشركون نجس) [1] .
وشرعاً: العين المستقذرة.
أقسام النجاسة: للنجاسة قسمان الأول: النجاسة الحكمية: وهي الطائرة على محل طاهر قبل طروها. -[51]-
والثاني: النجاسة الحقيقية: وهي عين النَجَس.
والأعيان النجسة هي:
-1ً- بول الآدمي: بدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين. فقال: أما إنهما ليعذبان. وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة. وأما الآخر فكان لا يستتر [2] من بوله) [3] .
-2ً-العذرة: وإن لم تتغير عن حاله الطعام ولو كان الآدمي صغيراً لم يتناول الطعام.
-3ً-الوادي: وهو ماء أبيض ثخين يخرج عقب البول فحكمه حكم البول
-4ً- المذي: وهو ماء رقيق يخرج من القبل عند الملاعبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، وقد سأله عن المذي: (إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاة) [4] فهو أشبه البول. (وعن الإمام أحمد: أنه كالمني لأنه يخرج بشهوة) .
-5ً- رطوبة فرج المرأة: وفيها روايتان: إحداهما: أنها نجسة، لأنها بلل يخرج من الفرج ولا يُخلق منه ولد، فأشبه المذي، والثاني: أنها طاهرة، وهي التي عليها أكثر الأصحاب.
-6ً- القيء والقلس: لأنه طعام استحال بالخوف إلى فساد أشبه بالغائط.
-7ً- الدم بجميع أنواعه لما روت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب قال: اقرصيه -[52]-
واغسليه وصلي فيه) [5] ولقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم) [6] . إلا الكبد والطحال فإنهما طاهران، وكذا دم السمك والقمل والبرغوث.... فكلها طاهرة، وما بقي من الدم في لحم المذكاة أو عروقها معفو عنه ولو علت حمرة الدم القدر، لأنه لا يمكن التحرز منه فيعفى عنه.
-8ً- العلقة: لأنها دم خارج من الفرج. (وعن الإمام: أنها طاهرة لأنها بدء خلق الآدمي) .
-9ً- القيح: وهو دم استحال إلى نتن وفساد، وكذا الصديد وهو ماء الجرح الرقيق المختلط بدم وما يسيل من القروح ونحوها.
-10ً- الخمر: لقوله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رج من عمل الشيطان فاجتنبوه) (7)
-11- النبيذ وكل مسكر مائع سواء كان مأخوذاً من عصير العنب أو كان نقيع زبيب أو تمر أو غير ذلك، لأن الله تعالى قد سمى الخمر رجساً والرجس في العرف النجس ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عمر رضي الله عنهما: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) [8] .
ولأنه شراب فيه شدة مطربة أشبه بالخمر، أما الحشيشة المسكرة ففيها قولان: الأول: هي نجسة سواء أميعت أم لا، والثاني: هي طاهرة إلا إذا أميعت.
-12- بخار النجاسة ودخانها إن اجتمع منهما شيء ولاقى جسماً صقيلاً فصار ماءٌ فهو نجس، أما ما أصاب الإنسان من دخان النجاسة وغبارها فلم يجتمع منه شيء ولا ظهرت صفته فهو معفو عنه لعدم إمكان التحرز منه. -[53]-
-13- الطيور والبهائم وسائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها والتي هي مما فوق الهرة بالخلقة مثل السبع، العقاب، الصقر، الحدأة، البومة وما يأكل منها الجيف كالنسر والرخم والعقعق وغراب بَيْن، والفيل والبغل والخنزير والكلب والحمار والسبع والأسد والنمر والذئب والفهد وابن آوى والدب والقرد، وما تولد من حيوان مأكول اللحم وحيوان غير مأكول اللحم.
-14- فضلة ما لا يؤكل لحمه إذا كان له دم يسيل من بول ورجيع (الروث، والعذرة) وبيض ولبن ومني ولو كان طاهراً قبل الموت كالفأرة، أما ما لا دم له يسيل فإن ميتته طاهرة.
-15- ميتتة الحيوان البري إذا كان له دم يسيل سواء كان في حال الحياة طاهراً أم نجساً والدليل قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) [9] ، بخلاف ميتة الآدمي وأجزائه وأبعاضه فحكمها حكم جملته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن لا ينجس) [10] وبخلاف ميتة الحيوان البحري فإنها طاهرة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) [11] كالسمك وسائر حيوانات البحر مما لا يعيش إلا في الماء، أما الضفادع والسلاطعين فهي برمائية وعيشتها ليست في البحر فيحرم. أكلها وميتتها نجسة. وأما الجراد وما لا دم سائل له كالعقرب والخنفساء والبق والقمل والبراغيث والعنكبوت والصرصار فكلها طاهرة إذا لم تكن متولدة من نجاسة مثل الكنف لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء) [12] .
-16- جلود الميتة: ولا تطهر بالدباغة في ظاهر المذهب لقوله تعالى: -[54]- (حرمت عليكم الميتة) [14] والجلد جزء منها ولحديث عبد الله بن عكيم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) (15) .
-17- كل ما يرشح من الكلب والخنزير من لعاب ومخاط وعرق ودمع.
-18- كل ما تحله الحياة من أجزاء الميتة: عظمها وقرنها وظفرها وحافرها، لأن ما تحله الحياة يحله الموت فينجسه والله تعالى قال: (حرمت عليكم الميتة) ودليل الحياة الإحساس والألم.
-19- كل ما يخرج من الميتة نحو دم، ومخاط، ولبن، وأنفحة، (وعن الإمام أحمد: الأنفحة طاهرة، لأن الصحابة رضوان الله عليهم أكلوا من حين المجوس، وهو يصنع من الأنفحة، وذبائحهم ميتة) ، وبيض الميتة إن لم يصلب قشرة، أما إن كان صلب القشرة وهو من حيوان يؤكل لحمه فطاهر، وكذا البيض الفاسد وهو ما اختلط صفاره ببياضه مع التعفن، فهو طاهر.
-20- كل ذبح لا يفيد إباحة اللحم (يحرم أكله) يكون مذبوحه نجس كذبح المجوسي والمرتد، والذبح المتروك التسمية عليه عمداً، وذبح المحرم للصيد وذبح الحيوان غير مأكول اللحم. [1] التوبة: 28. [2] أي لا يتجنبه ويتحرز منه. [3] مسلم: ج-1/ كتاب الطهارة باب 34/111. [4] أبو داود: ج-1 /كتاب الطهارة باب 83/206. [5] ابن ماجة: ج-1/ كتاب الطهارة باب 118/629. [6] المائدة: 3.
(7) المائدة: 90. [8] مسلم: ج-3/ كتاب الأشربة باب 7/75. [9] المائدة: 3. [10] مسلم: ج-1/ كتاب الحيض باب 29. [11] الترمذي ج-1/الطهارة باب 52/69. [12] البخاري: ج-5/ كتاب الطب باب 57/5445.
(13) المائدة: 3. [14] أبو داود: ج-4 /كتاب اللباس باب 42/4128.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 50