اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 430
سنن الإحرام:
-1- يستحب الغسل لكل محرم، صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، لما روى خارجة بن زيد عن أبيه (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل) [1] .
ويسن الغسل للمرأة حتى في حال الحيض والنفاس، لما ورد في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال اغتسلي. واستثفري بثوب وأحرمي) [2] . -[431]-
ولا يسن التيمم عند العجز عن الغسل، لأن الحكمة من الغسل النظافة، على قول إحدى الروايتين والمعتمد أنه يتيمم لعموم قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) [3] .
-2- يستحب قبل الغسل التنظيف بقص الشارب، وأخذ شعر العانة والإِبط، وقص الأظافر وتقليمها، وقطع الرائحة.
-3- تطيب البدن، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت) [4] ، ولا يسن تطيب الثياب.
-4- يسن للرجل لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين جديدين أو غسيلين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض. فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم) [5] . ولبس نعلين أيضاً، لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين) [6] .
-5- أن يحرم عقب صلاة إما مكتوبة أو نافلة.
-6- التلفظ بالنية، وتعيين النسك الذي أحرم به، فإن أطلق صرفه حيث شاء، وإن أحرم بإحرام غيره صح، كأن يقول: أحرمت بمثل ما أحرم بمثل ما أحرم به فلان، لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: أحججت؟ فقلت: نعم. فقال: بم أهللت؟ قال: قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فقد أحسنت) [7] . -[432]-
-7- أن يشترط حين إحرامه بهذا الشرط يقول: "أن محلي حيث يحبسني". فيقول: "اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقلبه مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث يحسبني"، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج. وأنا شاكية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حجي واشترطي أن مَحِلِّي حيث حبستني) [8] ويفيد هذا الشرط في شيئين:
آ- أنه متى عاقه عائق من مرض أو غيره فله التحلل.
ب- أنه إذا حل لذلك فلا شيء عليه من دم ولا غيره.
-8- البداءة بالتلبية إذا ركب راحلته، لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما (أنه صلى الله عليه وسلم أهلّحين استوت به راحلته قائمة) [9] ، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ الحج أفضل؟ قال: العجّ والثجّ) [10] ، وروى ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من محرم يَضْحى لله يومَه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه) [11] .
ويرفع الرجل صوته بالتلبية، لما روى خلاّد بن السائب بن خلاّد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمُرَ أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية) [12] .
أما المرأة فتسمع نفسها فقط ويكره لها الجهر.
وصيغة التلبية: ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحُليفة، أهلّ، فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك -[433]- والملك، لا شريك لك) (13) . ولا بأس بزيادة قوله: "لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والرغباء إليك والعمل". وزاد أنس رضي الله عنه: "لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً"، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله تعالى الرضا والجنة، بأن يقول: "اللهم إني أسألك رضاك والجنة" ويستعيذ من النار بقوله: "اللهم إني أعوذ بك من سخطك ومن النار".
ويستحب ذكر إحرامه في تلبيته، لما روى أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك عمرة وحجاً) [14] .
- ويستحب الإكثار من التلبية، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم: (ما من محرم يضحى لله يومَه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه) [15] ، ويتأكد استحبابها في ثمانية مواضع في صعود وهبوط، أو تلبس بمحظور ناسياً، وفي أدبار الصلوات، وإقبال الليل والنهار، وبالأسحار، وإذا التقت الرفاق، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلي إذا رأى راكباً أو صعد أكمة، أو هبط وادياً، وفي إدبار المكتوبة، وآخر الليل) .
كما تستحب التلبية في المسجد الحرام ومنى وسائر مساج الحرم وبقاعه لأنها مواضع النسك، ولا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصاره.
-9- يستحب للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) [16] فهذا في حال الإحرام والتلبس بطاعة الله تعالى والاستشعار بعبادته أولى [17] .
ولا يبطل الإحرام بجنون أو إغماء أو سكر كالموت ولا ينعقد مع وجود أحدها. -[435]- [1] الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 19/81. [2] مسلم: ج 2/ كتاب الحج باب 19/147. [3] المائدة: 6. [4] مسلم: ج 2/ الحج باب 7/33. [5] الترمذي: ج-3/ كتاب الجنائز باب 18/994. [6] مسند الإِمام أحمد: ج-2 / ص-34. [7] مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 22/154. [8] مسلم: ج 2/ الحج باب 15/105. [9] البخاري: ج-2 /كتاب الحج باب 28/105. [10] الترمذي: ج-3 /الحج باب 14/827. والعج رفع الصوت، والثج: إسالة الدماء (نحر البدن) . [11] ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 17/2925. [12] الترمذي: ج-3 /كتاب الحج باب 15/829.
() البخاري: ج-2 /كتاب الحج باب 25/1474. [14] مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 34/215. [15] ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 17/2925. [16] ابن ماجة: ج-2/ كتاب الفتن باب 12/3976. [17] من حكم بن عطاء الله: من قال لأخيه من أين وإلى أين فهذا مما لا يعنيه. الباب الثاني (أركان الحج)
أولاً: الإحرام:
الإحرام هو قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما معاً، ويشترط فيه النية، فلا يصير محرماً بمجرد التجرد أو التلبية من غير نية الدخول في النسك، لحديث: (إنما الأعمال بالنية) [1] ، ولأنه عبادة محضة فافتقرت إلى نية كالصلاة. وإن شك هل أحرم أم لا فهو كالناسي لإحرامه (يرجع إلى الميقات ليحرم) ، ومن نسي بما أحرم به صرفه إلى أي نسك شاء. وإن نوى إحراماً بنسك فسبق لسانه إلى غيره انعقد إحرامه بما نواه دون ما نطق به.
ولا يفتقر انعقاد الإحرام إلى التلبية، لأنه عبادة لا يجب النطق في آخرها فلم يجب في أولها كالصوم. [1] مسلم: ج-3/ كتاب الإمارة باب 45/155.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 430