اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 422
ودليل فوريته: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالرسول الله: (من أراد الحج فليتعجل. فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة) [1] ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ملك زاداً وراحلة تُبلِّغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً. وذلك أن الله يقول في كتابه: والله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [2] . [1] ابن ماجة: ج-[2]/ كتاب المناسك باب [1]/ 2883. [2] الترمذي: ج-[3]/ كتاب الحج باب [3]/812.
شروط الحج:
-1ً- شروط وجوب الحج:
أولاً: الإسلام: فلا يجب الحج على الكافر كما لا يصح منه، سواء كان كافراً أصلياً أم مرتداً.
ثانياً: العقل: فلا يجب على المجنون كما لا يصح منه كالصبي غير المميز.
ثالثاً: البلوغ: فلا يجب على الصبي الذي لم يبلغ الحلم، وإن حج فلا يجزئ عن حجته الإسلام، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى) [1] . فإذا بلغ الصبي قبل الوقوف بعرفة أو بعده، ثم عاد إلى عرفة فوقف في وقته، أجزأه حجه عن حجة الإسلام، ما لم يكن أحرم مفرداً أو قارناً وكان سعى بعد طواف القدوم.
والدليل على أن حج الصبي صحيح ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (رفعت امرأة صبياً. فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر) [2] ، إلا أنه يجب على الصبي أن يحرم بإذن وليه إن كان مميزاً، فإن أحرم بدون أذنه لم يصح حجه. أما الصبي غير المميز فيحرم عنه وليه الذي يلي ماله، سواء كان الوالي محلاً أو محرماً، وسواء حج عن نفسه أم لم يحج، فيقول: (نويت الحج عن -[423]- فلان) فيصير الصبي محرماً دون وليه، وإن أحرمت أمه عنه صحّ، أما الصبي فلا يضح إحرامه عن نفسه، ثم ما قدر الصبي على فعله من أفعال الحج كالوقوف بعرفة وبمزدلفة فعليه فعله، وما لا يمكنه فعله فعَله عنه وليّه كالرمي، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبيّنا عن الصبيان ورمينا عنهم) [3] ولكن لا يجوز الرمي عن الصبي إلا من قبل من أسقط فرض الرمي عن نفسه. أما الطواف فإن أمكنه المشي طاف وإلا طيف به محمولاً، فقد روى الأثرم عن أبي إسحاق (أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه طاف بابن الزبير في خرقة) .
وأما ما يرتكبه الصبي من محظورات الإحرام إن كان مما يفرق بين عمده وسهوه فلا فدية فيه، لأن عمد الصبي خطأ، وإن كان مما يستوي عمده وسهوه كجزاء الصيد ونحوه ففيه الفدية. وإن وطئ الصبي أفسد حجه، ووجبت الفدية، ويمضي في حجة فاسدة، وعليه القضاء إذا بلغ، ولا تجزئ حجة القضاء هذه عن حجة الإسلام.
رابعاً: الحرية: فلا يجب الحج على العبد، وإن حجّ فحجّه صحيح، سواء كان بإذن سيّده أم بدون إذنه، لكن إذا كان أحرم بإذن سيّده فليس له أن يحلله، أما إن أحرم بدون أذنه فله أن يحلله بعد أن أحرم، وفي كلتا الحالتين لا يجزئ حجه عن حجة الإسلام. وإن نذر العبد الحج انعقد نذره، فإن نذر بإذن سيّده لم يملك منعه من الوفاء به، أما إن نذر بدون أذن وليّه فله أن يمنعه وعليه الوفاء بنذره متى أعتق ولكن بعد حجة الإسلام.
وإن أتى العبد بفعل مما يوجب الفدية فعليه أن يفدي بالصيام، وإن أفسد حجه فعليه إتمامه وعليه الصوم بدلاً من البدنة.
خامساً: الاستطاعة: فلا يجب الحج على غير المستطيع، بدليل قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلاً} ، فلو تكلف العاجز -[424]- الحج أجرأه، ووقع موقعه أي سقط عنه رفقاً به، لكن إن حج كلاً على الناس لمسألته إياهم وتثقيله عليهم كره له ذلك، وإن لم يكن كلاً على أحد لقوته على المشي والتكسب بصناعة أو معاونة من ينفق عليه فهو مستحب، لقوله تعالى: {يأتون رجالاً وعلى كل ضامر} [4] . [1] البيهقي: ج-5 /ص 179. [2] مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 72/410. [3] ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 68/ 3038. [4] الحج: 27.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 422