اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 271
ب- أحق الناس بالإِمامة في البيت:
-1- السلطان مع الجماعة: إن كان في البيت ذو سلطان قَدّم على صاحب البيت، لأن ولايته على البيت وصاحبه.
-2- صاحب البيت إذا توفرت فيه شروط الإِمام هو أحق من غيره فيها حتى وإن كان فيهم من هو أقرأ منه وأفقه، إلا إذا أذن له صاحب البيت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه المتقدم عند مسلم: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه. ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه) . -[272]-
جـ- أحق الناس بالإِمامة في المسجد:
-1- السلطان إذا كان في المسجد.
الإِمام الراتب: ولو كان عبداً، أو كان في الحاضرين من هو أقرأ منه أو أفقه منه، وقد روي عن نافع قال: أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة المدينة.. وإمام ذلك المسجد مولى لإِبن عمر: فلما سمع عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة فقال له المولى: تقدم فصلي فقال عبد الله أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني [1] . إلا أن يتأخر الإِمام الراتب لعذر فيصلي غيره، لأن أبا بكر رضي الله عنه صلى بالناس حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. ولا يؤم في المسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه، لأن الإمام الراتب بمنزلة صاحب البيت وهو أحق من غيره، فإذا تأخر الإمام عن الحضور وكان بيته قريباً فإنه يراسل وإلا صلى غيره إذا ظن عدم مجيئه.
وإن كل ما ذكر في أولوية الإمامة هو على سبيل الاستحباب، وليس بواجب أو شرط صحة، أي إذا قدم المفضول على الأفضل في الإمامة كان ذلك جائزاً، لأن الأمر بعد هذا أمر أدب واستحباب. أماحكم إمامة المفضول بدون إذن الفاضل في مكروهة.
من تصح إمامته مع الكراهة:
-1- تكره وتصح إمامة الأعمى، روى أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤمُّ الناس وهو أعمى) [1] . تصح إمامة الأصم، لأن الأعمى والأصم لا يخلان بشيء من أفعال الصلاة ولا شروطها.
-2- تكره وتصح إمامة الأقلف [2] ، ولأنه ذكر مسلم عدل قارئ فتصح -[273]- إمامته. أما النجاسة التي تحت القلفة فلا يمكن إزالتها فيعفى عنها، وكل نجاسة معفى عنها لا تؤثر في إبطال الصلاة، هذا إذا كانت القلفة غير مفتوقة. أما المفتوقة أو التي يمكن فتقها وغسل ما تحتها فهذا إن ترك غسل ما تحت القلفة لم تصح صلاته، لأنها نجاسة لا يعفى عنها مع القدرة على إزالتها.
-3- تصح إمامة المتيمم بالمتوضئ وإمامة الغسل بالماسح، على الخف أو الحبيرة والعكس بلا كراهة، لأن عمرو بن العاص رضي الله عنه صلى بأصحابه متيمماً، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم ينكر عليه.
-4- تصح إمامة ولد الزنا والجندي والخصي والأعرابي إذا سلموا في دينهم بلا كراهة لدخولهم تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤمُّ القوم أقرؤهم) .
-5- تصح إمامة الإِمام الراتب في مسجدٍ العاجز عن القيام بالقادرين عليه إن كان يرجى برؤه [3] . بلا كراهة، ويصلون خلفه جلوساً، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: (اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه ناس من أصحابه يعودُونه. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً. فصلوا بصلاته قياماً. فأشار إليهم أن اجلسوا. فجلسوا. فلما انصرف قال: إنما جعل الإِمام ليؤتم به. فإذا ركع فاركعوا. وإذا رفع فارفعوا. وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً) [4] .
-6- تكره وتصح خلف الفأفاء (الذي يكرر حرف الفاء) وخلف التمتام (الذي يكرر حرف التاء) وخلف من لا يفصح ببعض الحروف كالقاف والضاد.
-7- تكره وتصح صلاة اللحان، أي الذي يلحن لحناً لا يغير المعنى كأن يجر دال الحمد لله، لأنه نقص يذهب ببعض الثواب. -[274]-
-8- تكره وتصح صلاة من يؤمُّ قوماً وأكثرهم له كارهون. لما روى أبو أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً. رجل أمُّ قوماً وهم له كارهون. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان ... ) [5] .
-9- تكره وتصح أن يؤم الرجل نساء أجانب لا رجل معهم..
-10- تكره وتصح إمامة المفضول بمن هو أفضل منه بلا إذنه، لحديث ابن عمر رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أمَّ قوماً وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه لم يزل في سفَّال إلى يوم القيامة) [6] .
إدراك صلاة الجماعة: يجب على المكلف إذا أقيمت الصلاة أن لا يشتغل بغيرها، لحديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) [7] ، وإذا أقيمت وكان في نافلة خففها وأتمها، إلا أن يخاف فوت الجماعة فيقطعها، وعن الإِمام أحمد: أنه يتمها لقوله تعالى: {لا تبطلوا أعمالكم} [8] . وإن أقيمت قبل مجيئه لم يسع إليها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون. وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) [9] ، لكن لا بأس أن يسرع قليلاً إذا خاف فوات الركعة.
إدراك الركعة مع الإِمام:
إن أدرك المأموم الإِمام راكعاً كبَّر للإحرام وهو قائم ثم كبَّر أخرى للركوع، وإن كبر واحدة أجزأته، فإن أدرك قدر ما يجزئ في الركوع مع الإِمام فقد أدرك -[275]- الركعة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً، ومن الركعة فقد أدرك الصلاة) [10] ، أما إن أدركه في سجود أو جلوس كبَّر للإحرام وانحط من غير تكبير، أنه لم يدرك محل التكبير من السجود. [1] البيهقي: ج-3 /ص 88. [2] الأقلف: غير المختون. [3] وصح ذلك بالعجز عن القيام دون سائر الأركان، لأن القيام أخف من سائر الأركان بدليل سقوطه بالنفل دونهما. [4] مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 19/82. [5] ابن ماجة ج-1/ إقامة الصلاة باب 43/971. [6] مجمع الزوائد: ج-2 /ص 64. [7] مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 9/63. [8] محمد:. [9] أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 55/572. [10] مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 156/893.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 271