اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 258
شروط صحة الجماعة:
أولاً: نية الإمامة والاقتداء:
إن من شروط صحة الجماعة أن ينوي كل من الإمام والمؤتم حالته (أي أن يقول الإمام: نويت الصلاة إماماً، ويقول المؤتم مقتدياً) ، فإن نوى أحدهما دون صاحبه لم تصح، لأن الجماعة تنعقد بالنية، ويجب أن تكون نية المأموم في أول صلاته بحيث تقارن تكبيرة الإحرام، فلو شرع في الصلاة بنية الانفراد ثم وجد إماماً في أثنائها فنوى متابعته فلا تصح صلاته لعدم وجود النية في أول الصلاة، فالمنفرد لا يجوز له أن ينتقل إلى صلاة الجماعة بعد أن أحرم بالصلاة منفرداً، وقال الإمام أحمد:: أحبُّ غليَّ أن يقطع الصلاة ويدخل مع الإمام. كما لا يجوز لمن بدأ صلاته في جماعة أن يتنقل إلى الانفراد بأن ينوي مفارقة الإمام، إلا لضرورة كأن يطيل الإمام أو تفسد صلاته لعذر كسبق حدث أو نحوه، عن جابر رضي الله عنهما قال: (كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم. ثم يأتي فَيؤمُّ قومه. فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء. ثم أتى قوماً فأمَّهم. فافتتح بسورة البقرة. فانحرف رجل فسلم. ثم صلة وحده وانصرف. فقالوا له: أنافقتَ؟ يا فلان! قال: لا والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار. وإن معاذاً صلى معك العشاء. ثم أتى فافتتح بسورة البقرة. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال يا معاذ أفتانُ أنت؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا) [1] . -[259]-
- ويجوز لمن أحرم منفرداً في صلاة نفل أن ينوي الإمامة، (أي يغيَّر نيته من الانفراد إلى الإمامة) إن أتى آخر ونوى الاقتداء به، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي في التهجد، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما فأحرم معه فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم. أما في صلاة الفرض فلا يجوز.
- أما إن أحرم منفرداً في فرض الصلاة، وكان يرجو مجيء من يصلي معه، فيجوز له أن ينوي الإمامة سلفاً.
- كما يجوز لمن أحرم إماماً أن ينوي الانفراد لعذر، كأن يسبق المأمومَ الحدثُ أو تفسد صلاته لعذر، أما إن كان لغير عذر فلا يصح للإِمام أن ينوي الانفراد.
- كما يجوز لمن أحرم إماماً أن ينوي الإقتداء لعذر، كأن يؤم القوم غير إمام الحي، فيأتي إمام الحي، فيتقدم في أثناء الصلاة، ويبني على صلاة الأول، فيصير الأول مأموماً، لما روى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم. فحانت الصلاة. فجاء المؤذن إلى أبي بكر. فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة. فتخلص حتى وقف في الصف. فصفق الناس. وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة. فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك. فرفع أبو بكر يديه. فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك. ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف. وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف) [2] . وهناك رواية أخرى: أنه يجوز لمن أحرم إماماً أن يصير مؤتماً، وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون خاصاً به، لأن أحداً لا يساويه، ولكن المعتمد أنَّه يجوز. -[260]- [1] مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 36/178. [2] مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 22/102.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي المؤلف : سعاد زرزور الجزء : 1 صفحة : 258