أما إن كان المسلمون أقوياء يقدرون على الجهاد فلا يجوز الهدنة
وإذا خاف الإمام مهم نقضا للهدنة؛ أعلن لهم انتهاء الهدنة قبل قتالهم؛ لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} ؛ أي: أعلمهم بنقض العهد حتى تصير أنت وهم سواء في العلم بذلك.
ويجوز للإمام عقد الذمة مع أهل الكتاب والمجوس، ومعناه: إقرارهم على دينهم؛ بشرط بذلهم الجزية، والتزام أحكام الإسلام؛ لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ؛ فالجزية هي مال يؤخذ منهم على وجه الصغار كل عام بدلاً عن قتلهم وإقامتهم بدارنا.
ولا تؤخذ الجزية من صبي ولا امرأة ومجنون وزمن وأعمى وشيخ فان، ولا من فقير يعجز عنها.
ومتى بذلوا الجزية؛ وجب قبولها منهم، وحرم قتالهم، ووجب دفع من قصدهم بأذى؛ لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} ، فجعل إعطاء الجزية غاية لكف القتال عنهم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "فاسألهم الجزية، فإن أجابوك؛ فاقبل منهم، وكف عنهم". والله أعلم.