وإن كان في طريقه إلى بلد قصده؛ أعطي ما يوصله ذلك البلد، وما يرجع به إلى بلده، ويدخل في ابن السبيل الضيف كما قال ابن عباس وغيره، وإن بقى مع ابن السبيل أو الغازي أو الغارم أو المكاتب شيء ما أخذوه من الزكاة زائدًا عن حاجتهم؛ وجب عليهم رده؛ لأنه لا يملك ما أخذه ملكا مطلقا، وإنما يملكه ملكا مراعي بقدر الحاجة، وتحقيق السبب الذي أخذه من أجله، فإذا زال السبب؛ زال الاستحقاق.
واعلم أنه يجوز صرف جميع الزكاة في صنف واحد من هذه الأصناف المذكورة، قال تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم} ، ولحديث معاذ حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال: "أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم"، متفق عليه، فلم يذكر في الآية والحديث إلا صنفا واحدًا، فدل على جواز صرفها إليه.
ويجزئ الاقتصار على إنسان واحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر، رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم لقيبصة: "أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة؛ فنأمر لك بها"؛ فدل الحديثان على جواز الاقتصار على شخص واحد من الأصناف الثمانية.