responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 97
صَالِحٍ
يَنْظُرُ إلَى الْوَجْهِ وَلَا يَكُونُ عَنْ طَرِيقِ لَذَّةٍ وَلَهُ أَنْ يُرَدِّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا، وَيَتَأَمَّلَ مَحَاسِنَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ. (5327) فَصْلٌ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ، وَمَوْضِعُ النَّظَرِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَا لَا يَظْهَرُ عَادَةً وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ وَعَنْ دَاوُد أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى جَمِيعِهَا، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اُنْظُرْ إلَيْهَا وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوَجْهُ، وَبَاطِنُ الْكَفِّ.
وَلِأَنَّ النَّظَرَ مُحَرَّمٌ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، فَيَخْتَصُّ بِمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا. وَالْحَدِيثُ مُطْلَقٌ، وَمَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ سُمِّيَ نَاظِرًا إلَيْهِ، وَمَنْ رَآهُ وَعَلَيْهِ أَثْوَابُهُ سُمِّيَ رَائِيًا لَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون: 4] {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 36] فَأَمَّا مَا يَظْهَرُ غَالِبًا سِوَى الْوَجْهِ، كَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا تُظْهِرُهُ الْمَرْأَةُ فِي مَنْزِلِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: لَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ فَلَمْ يُبَحْ النَّظَرُ إلَيْهِ، كَاَلَّذِي لَا يَظْهَرُ، فَإِنَّ عَبْد اللَّه رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ» حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ.
فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالثَّانِيَةُ: لَهُ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا، وَإِلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا، مِنْ يَدٍ أَوْ جِسْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا عِنْدَ الْخِطْبَةِ حَاسِرَةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْظُرُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. وَوَجْهُ جَوَازِ النَّظَرِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا، عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ عَادَةً إذْ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الظُّهُورِ؛ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا، فَأُبِيحَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَالْوَجْهِ.
وَلِأَنَّهَا امْرَأَةٌ أُبِيحَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِأَمْرِ الشَّارِعِ، فَأُبِيحَ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى ذَلِكَ، كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ. وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ابْنَةَ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مِنْهَا صِغَرًا، فَقَالُوا لَهُ: إنَّمَا رَدَّك فَعَاوِدْهُ، فَقَالَ: نُرْسِلُ بِهَا إلَيْك تَنْظُرُ إلَيْهَا فَرَضِيَهَا، فَكَشَفَ عَنْ سَاقِهَا. فَقَالَتْ: أَرْسِلْ، فَلَوْلَا أَنَّك أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَلَطَمْت عَيْنَك.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست