responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 86
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ،، وَدَاوُد: لَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا طَرِيقُهُ اللَّذَّةُ وَالشَّهْوَةُ، فَسَاوَى الْعَبْدُ الْحُرَّ فِيهِ، كَالْمَأْكُولِ. وَلَنَا قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَقَدْ رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ
وَيُقَوِّي هَذَا مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلَ النَّاسَ: كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: بِاثْنَتَيْنِ، وَطَلَاقُهُ بِاثْنَتَيْنِ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمْ يُنْكَرْ، وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَحْرَارِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] . وَيُفَارِقُ النِّكَاحُ الْمَأْكُولَ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّفَضُّلِ. وَلِهَذَا فَارَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ أُمَّتَهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مِلْكًا، وَالْعَبْدُ يَنْقُصُ فِي الْمِلْكِ عَنْ الْحُرِّ.

[تَسَرِّي الْعَبْدِ]
(5308) ؛ قَالَ: (وَلَهُ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ هَلْ يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا؟ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ فِي تَسْرِي الْعَبْدِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ. وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] .
وَلَنَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا. رَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَتَسَرَّى الْعَبْدُ، وَنَحْوَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ النِّكَاحَ، فَمَلَكَ التَّسَرِّيَ، كَالْحُرِّ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ. مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ.» فَجَعَلَ الْمَالَ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ، فَمَلَكَ الْمَالَ كَالْحُرِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِآدَمِيَّتِهِ يَتَمَهَّدُ لِأَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ، إذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْأَمْوَالَ لِلْآدَمِيِّينَ.
لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ التَّكَالِيفِ، وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست