responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 74
[قَالَ قَدْ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ]
(5277) ؛ قَالَ: وَإِذَا قَالَ: قَدْ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا. بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ، فَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ. وَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي قَدْ أَعْتَقْتهَا، وَجَعَلْت عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. كَانَ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ أَيْضًا ثَابِتَيْنِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْعِتْقُ أَوْ تَأَخَّرَ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا. فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ فُصُولٍ: (5278) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفَعَلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ. وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، يُوَكِّلُ رَجُلًا يُزَوِّجُهُ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ هِيَ الصَّحِيحَةُ. وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، فَلَمْ يَصِحْ لِعَدَمِ أَرْكَانِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك. وَسَكَتَ؛ وَلِأَنَّهَا بِالْعِتْقِ تَمْلِكُ نَفْسَهَا، فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ رِضَاهَا، كَمَا لَوْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِحَقِّ الْمِلْكِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبِيحَ الْوَطْءَ بِالْمُسَمَّى، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ، عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا بِالثَّمَنِ. لَمْ يَصِحَّ
وَلَنَا مَا رَوَى أَنَسٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ: أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. فَقُلْت: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: نَفْسَهَا. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفِيَّةَ. قَالَتْ: «أَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي.» وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَمَتَى ثَبَتَ الْعِتْقُ صَدَاقًا، ثَبَتَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَتَقَدَّمُ النِّكَاحَ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْعِتْقُ عَنْ النِّكَاحِ لَمْ يَجُزْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ انْعَقَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ.
وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ اسْتَأْنَفَ عَقْدًا، وَلَوْ اسْتَأْنَفَهُ لَظَهَرَ، وَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ غَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ تَزْوِيجُ امْرَأَةٍ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ قَرَابَةٍ، جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَالْإِمَامِ.
وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يُوجَدْ إيجَابٌ وَلَا قَبُولٌ. عَدِيمُ الْأَثَرِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ وُجِدَ لَمْ يَحْكُمُوا بِصِحَّتِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَدْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَعْلُ الْعِتْقِ صَدَاقًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً هُوَ وَلِيُّهَا، وَكَمَا لَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْت؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ لِلزَّوْجِ: أَقَبِلْت؟ فَقَالَ: نَعَمْ. عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَكَمَا لَوْ أَتَى بِالْكِنَايَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست