responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 559
وَأُمِرَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِكَوْنِهَا تَبِينُ مِنْهُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ، فَيَصِيرُ مُسْتَمْتِعًا بِأَجْنَبِيَّةٍ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَأَكْثَرُهُمْ قَالُوا: تَجُوزُ الْفَيْئَةُ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ، وَتَرْكُ الْوَطْءِ لَيْسَ بِوَطْءٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ، كَهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.
وَاللَّائِقُ بِمَذْهَبِ أَحْمَدَ تَحْرِيمُهُ؛ لَوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا أَنَّ آخِرَ الْوَطْءِ حَصَلَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا؛ فَإِنَّ النَّزْعَ يُلْتَذُّ بِهِ كَمَا يُلْتَذُّ بِالْإِيلَاجِ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْوَطْءِ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا فِي مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ، فَنَزَعَ: أَنَّهُ يُفْطِرُ. وَالتَّحْرِيمُ هَاهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ بِالْوَطْءِ. وَيُمْكِنُ مَنْعُ كَوْنِ النَّزْعِ وَطْئًا، وَالْمُحَرَّمُ هَاهُنَا الِاسْتِمْتَاعُ، وَالنَّزْعُ اسْتِمْتَاعٌ، فَكَانَ مُحَرَّمًا، وَلِأَنَّ لَمْسَهَا عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ بِهَا مُحَرَّمٌ، فَلَمْسُ الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ ضَرُورَةَ تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ. قُلْنَا: فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوَطْءُ إلَّا بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ حَرُمَ ضَرُورَةَ تَرْكِ الْحَرَامِ.
كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ بِلَحْمٍ مُبَاحٍ، لَا يُمْكِنُهُ أَكْلُهُ إلَّا بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، حَرُمَ، وَلَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ، أَوْ امْرَأَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةِ، حَرُمَ الْكُلُّ. الْوَجْهُ الثَّانِي، أَنَّهُ بِالْوَطْءِ يَحْصُلُ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ، وَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ، وَكَمَا يَحْرُمُ إيقَاعُهُ بِلِسَانِهِ، يَحْرُمُ تَحْقِيقُ سَبَبِهِ. الثَّالِثُ، أَنْ يَقَعُ بِهِ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ جَمْعُ الثَّلَاثِ، فَإِنْ وَطِئَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَ حِينَ يُولِجُ الْحَشَفَةَ، وَلَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَلْبَثَ وَلَا يَتَحَرَّكَ عِنْدَ النَّزْعِ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْوَطْءِ، وَإِنْ لَبِثَ أَوْ تَمَّمَ الْإِيلَاجَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ مِنْهُ، لِكَوْنِهِ وَطْئًا بَعْضُهُ فِي زَوْجَتِهِ، وَفِي الْمَهْرِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا - يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ فِي مَحِلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، فَأَوْجَبَ الْمَهْرَ، كَمَا لَوْ أَوْلَجَ بَعْدَ النَّزْعِ.
وَالثَّانِي - لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ تَابَعَ الْإِيلَاجَ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ، فَكَانَ تَابِعًا لَهُ فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ. وَإِنْ نَزَعَ، ثُمَّ أَوْلَجَ، وَكَانَا جَاهِلَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لَهَا، وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ. وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ، فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ إيلَاجٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ وَطِئَهَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُطَاوِعَةٌ عَلَى الزِّنَا، وَلَا يَلْحَقُهُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِنَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا، أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاس، وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَالِمَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَظِنَّةِ الْخَفَاءِ؛ فَإِنَّ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ مُحَرِّمٌ لِلْمَرْأَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا، وَالْآخَرُ جَاهِلًا، نُظِرَتْ؛ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَالِمَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَهَا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 559
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست