responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 556
وَإِنْ حَنِثَ وَهَرَبَتْ مِنْ يَدِهِ، انْقَطَعَتْ الْمُدَّةُ.
وَإِنْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ وَأَمْكَنَهُ وَطْؤُهَا، اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ بِهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذِهِ الْأَسْبَابُ مِنْهَا مَا لَا صُنْعَ لَهَا فِيهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْطَعَ الْمُدَّةُ، كَالْحَيْضِ. قُلْنَا: إذَا كَانَ الْمَنْعُ لِمَعْنًى فِيهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِفِعْلِهَا، أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهَا. كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، لَمْ يَتَوَجَّهْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِعِوَضِهِ، سَوَاءٌ كَانَ لَعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ. وَإِنْ آلَى فِي الرِّدَّةِ، لَمْ تُضْرَبْ لَهُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ حِينِ رُجُوعِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ. وَإِنْ طَرَأَتْ الرِّدَّةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، انْقَطَعْت؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ تَشَعَّثَ وَحَرُمَ الْوَطْءُ، فَإِذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ، أَوْ خَالَعَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاء]
(6135) فَصْلٌ: وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. فَإِنْ طَالَبَتْهُ، فَطَلَبَ الْإِمْهَالَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، لَمْ يُمْهَلْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ، لَا عُذْرَ لَهُ فِيهِ، فَلَمْ يُمْهَلْ بِهِ، كَالدَّيْنِ الْحَالِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمُدَّة أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنَّمَا يُؤَخَّرُ قَدْرَ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْجِمَاعِ فِي حُكْمِ الْعَادَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَطْءُ فِي مَجْلِسِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِمْهَالٍ. فَإِنْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى آكُلَ فَإِنِّي جَائِعٌ، أَوْ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ فَإِنِّي كَظِيظٌ. أَوْ أُصَلِّيَ الْفَرْضَ، أَوْ أُفْطِرَ مِنْ صَوْمِي. أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَصِيرَ إلَى حَالٍ يُجَامِعُ فِي مِثْلِهَا فِي الْعَادَةِ. وَكَذَلِكَ يُمْهَلُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِعْلُ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ.
وَإِنْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِهَتِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِمَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ إلَى حَالِ زَوَالِ الْعُذْرِ، إنْ لَمْ يَكُنْ الْعُذْرُ قَاطِعًا لِلْمُدَّةِ كَالْحَيْضِ، أَوْ كَانَ الْعُذْرُ حَدَثَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.

[فَصْل عَفَتْ الزَّوْجَة عَنْ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا الْإِيلَاء]
(6136) فَصْلٌ: فَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَسْقُطُ حَقُّهَا، وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَسَقَطَ حَقُّهَا مِنْهُ، كَامْرَأَةِ الْعِنِّينِ إذَا رَضِيَتْ بِعُنَّتِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ حَقُّهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ مَتَى شَاءَتْ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِرَفْعِ الضَّرَرِ بِتَرْكِ مَا يَتَجَدَّدُ مَعَ الْأَحْوَالِ، فَكَانَ لَهَا الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ، فَعَفَتْ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَسْخِ، ثُمَّ طَالَبَتْ، وَفَارَقَ الْفَسْخَ لِلْعُنَّةِ؛ فَإِنَّهُ فَسْخٌ لِعَيْبِهِ، فَمَتَى رَضِيَتْ بِالْعَيْبِ، سَقَطَ حَقُّهَا، كَمَا لَوْ عَفَا الْمُشْتَرِي عَنْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 556
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست