responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 543
أَوْ: لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِكِ. وَنَوَى مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ إيلَاءٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ، فَانْصَرَفَ إلَيْهِ بِنِيَّتِهِ. وَإِنْ نَوَى مُدَّةً قَصِيرَةً، لَمْ يَكُنْ إيلَاءً لِذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ إيلَاءً؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ لِلْكَثِيرِ.
فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. أَوْ: فَإِذَا مَضَتْ، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك شَهْرَيْنِ. أَوْ: لَا وَطِئْتُك شَهْرَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِمُولٍ؛ لِأَنَّهُ حَالِفٌ بِكُلِّ يَمِينٍ عَلَى مُدَّةٍ نَاقِصَةٍ عَنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا مُدَّتَهَا، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ يَمِينٍ عَقِيبَ مُدَّتِهَا مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ فِيهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَالثَّانِي، يَصِيرُ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ، فَكَانَ مُولِيًا، كَمَا لَوْ مَنَعَهَا بِيَمِينِ وَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَّا بِحِنْثٍ فِي يَمِينِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا إيلَاءً، أَفْضَى إلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْوَطْءِ طُولَ دَهْرِهِ بِالْيَمِينِ، فَلَا يَكُونُ مُولِيًا.
وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مُدَّتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ يَزِيدُ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ، كَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةٍ وَشَهْرَيْنِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك]
(6113) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حَقٌّ، لَكِنْ إنْ وَطِئَهَا صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى يَمِينًا تَمْنَعُ الْوَطْءَ عَلَى التَّأْبِيدِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَحُكِيَ عَنْهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ، أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ إلَّا بِأَنْ يَصِيرَ مُولِيًا، فَيَلْحَقُهُ بِالْوَطْءِ ضَرَرٌ.
وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، إنْ قَالَ: وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنْ وَطِئَهَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مُمْتَنِعًا مِنْ وَطْئِهَا بِيَمِينٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا بَقِيَ مُمْتَنِعًا بِالْيَمِينِ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ. وَلَنَا أَنَّ يَمِينَهُ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ، فَفِيمَا قَبْلَهُ لَيْسَ بِحَالِفٍ، فَلَا يَكُونُ مُولِيًا، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا. وَكَوْنُهُ يَصِيرُ مُولِيًا، لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ مَتَى شَاءَ بِغَيْرِ حِنْثٍ، فَلَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِحُكْمِ يَمِينِهِ، فَإِذَا وَطِئَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، صَارَ مُولِيًا.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَفِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ، يَكُونُ مُولِيًا فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا. فَكَذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ مُنَكَّرٌ، فَلَمْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست