responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 53
[فَصْلٌ حُكْم نِكَاحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ]
(5223) فَصْلٌ: فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ وَالْكَلَامُ فِي نِكَاحِهِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجَهُ، إذَا عَلِمَ حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ نُصِبَ لِمَصَالِحِهِ، وَهَذَا مِنْ مَصَالِحِهِ، لِأَنَّهُ يَصُونُ بِهِ دِينَهُ وَعِرْضَهُ وَنَفْسَهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَعَرَّضَ بِتَرْكِ التَّزْوِيجِ لِلْإِثْمِ بِالزِّنَا، وَالْحَدِّ، وَهَتْكِ الْعِرْضِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِحَاجَتِهِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ قَوْلِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَاجَتُهُ إلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ إلَى الْخِدْمَةِ، فَيُزَوِّجُهُ امْرَأَةً لِتَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهُ؛ لِأَنَّهُ يُلْزِمُهُ بِالنِّكَاحِ حُقُوقًا؛ مِنْ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْعِشْرَةِ، وَالْمَبِيتِ، وَالسُّكْنَى، فَيَكُونُ تَضْيِيعًا لِمَالِهِ وَنَفْسِهِ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَتَبْذِيرِ مَالِهِ
وَإِذَا أَرَادَ تَزْوِيجَهُ، اسْتَأْذَنَهُ فِي تَزْوِيجِهِ، فَإِنْ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَمَلَكَهُ الْوَلِيُّ فِي حَقِّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى النِّكَاحِ، كَالرَّشِيدِ وَالْعَبْدِ الْكَبِيرِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ إجْبَارَهُ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ مِلْكِ الطَّلَاقِ، مُجَرَّدُ إضْرَارٍ، فَإِنَّهُ يُطَلِّقُ فَيَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ مَعَ فَوَاتِ النِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي امْرَأَةٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي أُخْرَى، فَإِذَا أُجْبِرَ عَلَى مَنْ يَكْرَهُهَا، لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْمَصْلَحَةُ مِنْهَا، وَفَاتَ عَلَيْهِ غَرَضُهُ مِنْ الْأُخْرَى، فَيَحْصُلُ مُجَرَّدُ ضَرَرٍ مُسْتَغْنًى عَنْهُ.
وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ وَالطِّفْلِ، لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ ذَلِكَ هَاهُنَا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُفَوِّتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، كَالرَّشِيدِ. الْحَالُ الثَّانِي، أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهُ فِيهَا، وَهِيَ حَالَةُ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ، وَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْخُلْعَ، فَجَازَ أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ، ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرْأَةَ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ مُطْلَقًا. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ لَهُ؛ لِئَلَّا يَتَزَوَّجَ شَرِيفَةً يَكْثُرُ مَهْرُهَا وَنَفَقَتُهَا، فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَذِنَ فِي النِّكَاحِ، فَجَازَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، كَالْإِذْنِ لِلْعَبْدِ، وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ.
وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا مُحَابَاةٌ بِمَالِهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا. وَإِنْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ مِنْ غَيْرِ خُسْرَانٍ. الْحَالُ الثَّالِثُ، إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي إذَا كَانَ مُحْتَاجًا،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست