responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 524
فَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا، فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِمْتَاعٍ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَحُكِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَحْرُمُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَيَحِلُّ مِنْ الزَّوْجَةِ، فَحَصَلَتْ بِهِ الرَّجْعَةُ، كَالِاسْتِمْتَاعِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ اخْتِيَارَ الْمُشْتَرِي لِلْأَمَةِ، فَلَمْ تَكُنْ رَجْعَةً، كَاللَّمْسِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَأَمَّا اللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَالنَّظَرُ لِذَلِكَ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَأَشْبَهَ الْحَدِيثَ مَعَهَا.

[فَصْل الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُحَصِّل بِهَا الرَّجْعَةُ]
(6086) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْقَوْلُ فَتَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ. بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَأَلْفَاظُهُ: رَاجَعْتُك، وَارْتَجَعْتُك، وَرَدَدْتُك، وَأَمْسَكْتُك. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَرَدَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَالرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ وَرَدَ بِهِمَا الْكِتَابُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] . وَقَالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] يَعْنِي: الرَّجْعَةَ.
وَالرَّجْعَةُ وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» . وَقَدْ اُشْتُهِرَ هَذَا الِاسْمُ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ الْعُرْفِ، كَاشْتِهَارِ اسْمِ الطَّلَاقِ فِيهِ، فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا رَجْعَةً، وَالْمَرْأَةَ رَجْعِيَّةً. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهَا هُوَ الصَّرِيحُ وَحْدَهُ، لِاشْتِهَارِهِ دُونَ غَيْرِهِ، كَقَوْلِنَا فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ: رَاجَعْت امْرَأَتِي إلَى نِكَاحِي أَوْ زَوْجَتِي. أَوْ رَاجَعْتهَا لِمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقِي. فَإِنْ قَالَ: نَكَحْتُهَا. أَوْ: تَزَوَّجْتُهَا. فَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ. وَهَلْ تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَالرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ، وَلَا تَحْصُلُ بِالْكِنَايَةِ، كَالنِّكَاحِ. وَالثَّانِي، تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ. أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ؛ لِأَنَّهُ تُبَاحُ بِهِ الْأَجْنَبِيَّةُ، فَالرَّجْعِيَّةُ أَوْلَى.
وَعَلَى هَذَا، يَحْتَاجُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ كِنَايَةً تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ، كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.

[فَصْلٌ قَالَ رَاجَعْتُك لِلْمَحَبَّةِ أَوْ قَالَ لِلْإِهَانَةِ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّنِي رَاجَعْتُك لِمَحَبَّتِي]
(6087) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: رَاجَعْتُك لِلْمَحَبَّةِ. أَوْ قَالَ: لِلْإِهَانَةِ. وَقَالَ: أَرَدْت أَنَّنِي رَاجَعْتُك لِمَحَبَّتِي إيَّاكِ، أَوْ إهَانَةً لَك. صَحَّتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالرَّجْعَةِ، وَبَيَّنَ سَبَبَهَا. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّنِي كُنْت أَهَنْتُك، أَوْ أُحِبُّك، وَقَدْ رَدَدْتُك بِفِرَاقِي إلَى ذَلِكَ. فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ.
وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِ الرَّجْعَةِ، وَضَمَّ إلَيْهِ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِسَبَبِهَا، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، فَلَا يَزُولُ اللَّفْظُ عَنْ مُقْتَضَاهُ بِالشَّكِّ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 524
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست