responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 522
أَوَّلُهُمَا، أَنَّهُ لَهُ رَجْعَتُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْضِ عِدَّتَهُ، فَحُكْمُ نِكَاحِهِ بَاقٍ، يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَتْ عِدَّتُهُ لِعَارِضٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى سَائِرُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ ارْتِجَاعَهَا إذَا عَادَتْ إلَى عِدَّتِهِ، فَمَلَكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي عِدَّتِهِ، فَإِذَا وَضَعَتْ الْحَمْلَ، انْقَضَتْ عِدَّةُ الثَّانِي، وَبَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَلَهُ ارْتِجَاعُهَا حِينَئِذٍ وَجْهًا وَاحِدًا، وَلَوْ كَانَتْ فِي نِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوَضْعِ تَعُودُ إلَى عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ تَحْتَسِبْ بِهِ، فَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ حَائِضًا، فَإِنَّ لَهُ رَجْعَتَهَا فِي حَيْضِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْتَدُّ بِهَا
وَإِنْ حَمَلَتْ حَمْلًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، فَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فِي حَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي، إذَا رَاجَعَهَا فِي هَذَا الْحَمْلِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِي، لَمْ يَصِحَّ؛ وَإِنْ بَانَ مِنْ الْأَوَّلِ، اُحْتُمِلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ، وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ رَاجَعَهَا مَعَ الشَّكِّ فِي إبَاحَةِ الرَّجْعَةِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ يُبْطِلُهَا الشَّكُّ فِي صِحَّتِهَا، وَعَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ تَصِحُّ مَعَ الشَّكِّ فِيمَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، فَصَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَإِنَّ كُلَّ صَلَاةٍ يَشُكُّ فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ الْمَنْسِيَّةُ أَوْ غَيْرُهَا؟ وَلَوْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ، فَتَطَهَّرَ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ، صَحَّتْ طَهَارَتُهُ، وَارْتَفَعَ حَدَثُهُ، فَهُنَا أَوْلَى. فَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ، وَبَانَ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الثَّانِي صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ الْأَوَّلِ، لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ.

[مَسْأَلَة الْمُرَاجَعَةُ فِي الطَّلَاق]
(6083) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَالْمُرَاجَعَةُ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: اشْهَدَا أَنِّي قَدْ رَاجَعْت امْرَأَتِي. بِلَا وَلَيٍّ يَحْضُرُهُ، وَلَا صَدَاقٍ يَزِيدُهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ تَجُوزُ الرَّجْعَةُ بِلَا شَهَادَةٍ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى وَلِيٍّ، وَلَا صَدَاقٍ، وَلَا رِضَى الْمَرْأَةِ، وَلَا عِلْمِهَا. بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي أَحْكَامِ الزَّوْجَاتِ، وَالرَّجْعَةُ إمْسَاكٌ لَهَا، وَاسْتِبْقَاءٌ لِنِكَاحِهَا، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الرَّجْعَةَ إمْسَاكًا، وَتَرْكَهَا فِرَاقًا وَسَرَاحًا، فَقَالَ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] . وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] . وَإِنَّمَا تَشَعَّثَ النِّكَاحُ بِالطَّلْقَةِ وَانْعَقَدَ بِهَا سَبَبُ زَوَالِهِ، فَالرَّجْعَةُ تُزِيلُ شُعْثَهُ، وَتَقْطَعُ مُضِيَّهُ، إلَى الْبَيْنُونَةِ، فَلَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ.
فَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تَجِبُ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] . وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَلِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ، فَوَجَبَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ، كَالنِّكَاحِ، وَعَكْسُهُ الْبَيْعُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 522
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست