responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 518
وَأَمَّا وَطْءُ الْمُرْتَدَّةِ، فَلَا يُحِلُّهَا، سَوَاءٌ وَطِئَهَا فِي حَالِ رِدَّتِهِمَا، أَوْ رِدَّتِهَا، أَوْ وَطِئَ الْمُرْتَدُّ الْمُسْلِمَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعُدْ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ، تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ، فَقَدْ كَانَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ تَامٍّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْبَيْنُونَةِ حَاصِلٌ فِيهِ. وَهَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ، لَمْ يُحِلَّهَا لِذَلِكَ.

[فَصْل تَزَوَّجَ الْمَمْلُوك الْمُطَلَّقَة الْبَائِن وَوَطِئَهَا]
(6073) فَصْلٌ: فَإِنْ تَزَوَّجَهَا مَمْلُوكٌ، وَوَطِئَهَا، أَحَلَّهَا. وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا، وَلِأَنَّهُ دَخَلَ فِي عُمُومِ النَّصِّ، وَوَطْؤُهُ كَوَطْءِ الْحُرِّ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُرَاهِقٌ، فَوَطِئَهَا، أَحَلَّهَا فِي قَوْلِهِمْ، إلَّا مَالِكًا وَأَبَا عُبَيْدٍ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا يُحِلُّهَا. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الصَّغِيرِ. وَلَنَا، ظَاهِرُ النَّصِّ، وَأَنَّهُ وَطْءٌ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَأَشْبَهَ الْبَالِغَ، وَيُخَالِفُ الصَّغِيرَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ مِنْهُ، وَلَا تُذَاقُ عُسَيْلَتُهُ. قَالَ الْقَاضِي: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّ مَنْ دُونَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُجَامَعَةُ. وَلَا مَعْنَى لِهَذَا؛ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُجَامِعِ، وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْجِمَاعُ، فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْمَقْصُودُ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ سِنٍّ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا، وَتَقْدِيرُهُ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ.
وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً، فَوَطِئَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ، أَحَلَّهَا لِمُطَلِّقِهَا الْمُسْلِمِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ: هُوَ زَوْجٌ، وَبِهِ تَجِبُ الْمُلَاعَنَةُ وَالْقَسَمُ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ: لَا يُحِلُّهَا. وَلَنَا، ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ تَامٍّ، أَشْبَهَ وَطْءَ الْمُسْلِمِ. وَإِنْ كَانَا مَجْنُونَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَوَطِئَهَا، أَحَلَّهَا وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ: لَا يُحِلُّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ.
وَلَنَا، ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَشْبَهَ الْعَاقِلَ. وَقَوْلُهُ: لَا يَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ. لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ الْجُنُونَ إنَّمَا هُوَ تَغْطِيَةُ الْعَقْلِ. وَلَيْسَ الْعَقْلُ شَرْطًا فِي الشَّهْوَةِ وَحُصُولِ اللَّذَّةِ، بِدَلِيلِ الْبَهَائِمِ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَجْنُونُ ذَاهِبَ الْحِسِّ، كَالْمَصْرُوعِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، لَمْ يَحْصُلْ الْحِلُّ بِوَطْئِهِ، وَلَا بِوَطْءِ مَجْنُونَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ لَذَّةٌ. وَلَعَلَّ ابْنَ حَامِدٍ إنَّمَا أَرَادَ الْمَجْنُونَ الَّذِي هَذِهِ حَالُهُ، فَلَا يَكُونُ هَاهُنَا اخْتِلَافٌ وَلَوْ وَطِئَ مُغْمًى عَلَيْهَا، أَوْ نَائِمَةً لَا تُحِسُّ بِوَطْئِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَحِلَّ بِهَذَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَيُحْتَمَلُ حُصُولُ الْحِلِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، أَخْذًا مِنْ عُمُومِ النَّصِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست