responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 484
فَقَدْ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ. وَقَعَ مَا نَوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَحَكَى فِيهَا الْقَاضِي رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا: يَقَعُ الثَّلَاثَ. نَصَّ عَلَيْهَا أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَيَقْتَضِي اسْتِغْرَاقَ الْكُلِّ، وَهُوَ ثَلَاثٌ. وَالثَّانِيَةُ، إنَّهَا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَعُودَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إلَى مَعْهُودٍ، يُرِيدُ الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَتْهُ. وَلِأَنَّ اللَّامَ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ تُسْتَعْمَلُ لِغَيْرِ الِاسْتِغْرَاقِ كَثِيرًا، كَقَوْلِهِ: وَمِنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ. وَإِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ الطَّلَاقَ. وَاغْتَسَلْت بِالْمَاءِ. وَتَيَمَّمْت بِالتُّرَابِ.
وَقَرَأَتْ الْعِلْمَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ. هَذَا مِمَّا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ الْجِنْسُ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُحْمَلُ عَلَى التَّعْمِيمِ، إلَّا بِنِيَّةٍ صَارِفَةٍ إلَيْهِ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ الطَّلَاقُ. فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إنْ أَرَادَ ثَلَاثًا، فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَكَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ. فَهَذَا قَدْ بَيَّنَ. أَيَّ شَيْءٍ بَقِيَ. هِيَ ثَلَاثٌ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَيُخَرَّجُ فِيهَا أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، بِنَاءً عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. وَوَجْهُ الْقَوْلَيْنِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ ... وَأَنْتِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا تَمَامًا
فَجَعَلَ الْمُكَرَّرَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَ لِلِاسْتِغْرَاقِ لَكَانَ ذَلِكَ تِسْعًا.

[فَصْلٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ]
(6019) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي. أَوْ: الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ. فَهُوَ صَرِيحٌ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ طَلَاقُهُ: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ. وَقَالُوا: إذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ الطَّلَاقَ، فَطَلَّقَ، لَزِمَهُ. وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا: لَزِمَهُ حُكْمُهُ. فَحَذَفُوا الْمُضَافَ، وَأَقَامُوا الْمُضَافَ إلَيْهِ مُقَامَهُ، ثُمَّ اشْتَهَرَ ذَلِكَ، حَتَّى صَارَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ، وَانْغَمَرَتْ الْحَقِيقَةُ فِيهِ. وَيَقَعُ بِهِ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَجْهُهُمَا مَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ. فَهُوَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، لِأَنَّ مَنْ لَزِمَهُ شَيْءٌ فَهُوَ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، وَقَدْ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُ هَذَا فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ.
وَيُخَرَّجُ فِيهِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ الرِّوَايَتَانِ؛ هَلْ هُوَ ثَلَاثٌ أَوْ وَاحِدَةٌ؟ وَالْأَشْبَهُ فِي هَذَا جَمِيعِهِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْتَقِدُونَهُ ثَلَاثًا، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَلِهَذَا يُنْكِرُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَ ثَلَاثًا، وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ طَلَّقَ إلَّا وَاحِدَةً، فَمُقْتَضَى اللَّفْظِ فِي ظَنِّهِمْ وَاحِدَةً، فَلَا يُرِيدُونَ إلَّا مَا يَعْتَقِدُونَهُ مُقْتَضَى لِلَفْظِهِمْ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُمْ نَوَوْا الْوَاحِدَةَ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 484
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست