responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 48
أَحَدُهُمَا، لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةُ إجْبَارٍ، فَلَا تَثْبُتُ لِغَيْرِ الْأَبِ، كَحَالِ عَقْلِهَا. وَالثَّانِي، لَهُ تَزْوِيجُهَا إذَا ظَهَرَ مِنْهَا شَهْوَةُ الرِّجَالِ، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ بِهَا حَاجَةً إلَيْهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا، وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ، وَتَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَالْعَفَافِ، وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إذْنِهَا، فَأُبِيحَ تَزْوِيجُهَا كَالثَّيِّبِ مَعَ أَبِيهَا
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ تَزْوِيجَهَا إنْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ: إنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ، وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ الْكَبِيرَةِ إذَا قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا. وَلَنَا، أَنَّ الْمَعْنَى الْمُبِيحَ لِلتَّزْوِيجِ وُجِدَ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ، فَأُبِيحَ تَزْوِيجُهَا، كَالْكَبِيرَةِ إذَا ظَهَرَتْ مِنْهَا شَهْوَةُ الرِّجَالِ، فَفِي تَزْوِيجِهَا مَصْلَحَتُهَا وَدَفْعُ حَاجَتِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهُ يُزِيلُ عِلَّتَهَا. وَتُعْرَفُ شَهْوَتُهَا مِنْ كَلَامِهَا، وَقَرَائِنِ أَحْوَالِهَا، كَتَتَبُّعِهَا لِلرِّجَالِ، وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ
الْقِسْمُ الثَّالِثُ، مَنْ وَلِيُّهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْحَاكِمِ. فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْقِسْمِ الثَّانِي، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُمْ تَزْوِيجُهَا فِي الْحَالِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ فِيهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى وِلَايَةِ الْحَاكِمِ، فَقُدِّمُوا عَلَيْهِ فِي التَّزْوِيجِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً. وَوَجْهُ قَوْلِ الْقَاضِي، أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ النَّاظِرُ لَهَا فِي مَالِهَا دُونَهُمْ، فَيَكُونُ وَلِيًّا دُونَهُمْ، كَتَزْوِيجِ أَمَتِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا دَفْعُ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَكَانَتْ إلَى الْحَاكِمِ، كَدَفْعِ حَاجَةِ الْجُوعِ وَالْعُرْيِ. فَإِنْ كَانَ لَهَا وَصِيٌّ فِي مَالِهَا، لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي نِكَاحِهَا. وَالْحُكْمُ فِي تَزْوِيجِهَا حُكْمُ مَنْ وَلِيُّهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْحَاكِمِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَةٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا]
(5212) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى. وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ الْأَبِ ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُصَ فِيهِ عَنْ قِيمَةِ الْمُعَوَّضِ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ تَفْرِيطٌ فِي مَالِهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَلَنَا، أَنَّ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ، فَمَا أَصْدَقَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست