responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 475
وَالتَّكْذِيبُ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ النِّدَاءِ وَالْقَذْفِ، الَّذِي لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيهِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ أَوْ الرَّفْعِ]
(5998) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً. بِالنَّصْبِ، أَوْ الرَّفْعِ، وَنَوَى بِهِ وَصْفَهَا بِالْمَرَضِ فِي الْحَالِ، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَإِنْ نَوَى بِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَالِ مَرَضِك. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تُمَرَّضَ؛ لِأَنَّ هَذَا حَالٌ، وَالْحَالُ مَفْعُولٌ فِيهِ، كَالظَّرْفِ، وَيَكُونُ الرَّفْعُ لَحْنًا؛ لِأَنَّ الْحَالَ مَنْصُوبٌ. وَإِنْ أَطْلَقَ وَنَصَبَ، انْصَرَفَ إلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَرِيضَةً اسْمٌ نَكِرَةٌ، جَاءَ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ وَصْفًا لِمَعْرِفَةٍ، فَيَكُونُ حَالًا، وَإِنْ رَفَعَ، فَالْأَوْلَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ وَصْفًا لِطَالِقٍ، الَّذِي هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَإِنْ أَسْكَنَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا؛ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ. يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، فَقَدْ تَيَقَّنَّا وُجُودَ الْمُقْتَضِي، وَشَكَكْنَا فِيمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ، فَلَا نَزُولَ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ. وَالثَّانِي، لَا يَقَعُ إلَّا فِي حَالِ مَرَضِهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ لِلْمَرَضِ فِي سِيَاقِ الطَّلَاقِ يَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِهِ بِهِ، وَتَأْثِيرِهِ فِيهِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ حَالًا.

[مَسْأَلَة قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا]
(5999) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ. فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا، أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ تَطْلُقْ) أَمَّا إذَا قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا، أَوْ مُكْرَهًا مَحْمُولًا، فَلَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ، إنَّمَا قَدِمَ بِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: دَخَلَ الطَّعَامُ الْبَلَدَ. إذَا حُمِلَ إلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلَ الطَّعَامُ الْبَلَدَ. طَلُقَتْ إذَا حُمِلَ إلَيْهِ. وَلَنَا، أَنَّ الْفِعْلَ لَيْسَ مِنْهُ، وَالْفِعْلُ لَا يُنْسَبُ إلَى غَيْرِ فَاعِله إلَّا مَجَازًا، وَالْكَلَامُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِحَقِيقَتِهِ إذَا أَمْكَنَ، وَأَمَّا الطَّعَامُ، فَلَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً، فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الدُّخُولِ فِيهِ عَلَى مَجَازِهِ.
وَأَمَّا إنْ قَدِمَ بِنَفْسِهِ لَإِكْرَاهٍ، فَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: لَا يَحْنَثُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْنَثُ. وَحَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْهُ حَقِيقَةً، وَيُنْسَبُ إلَيْهِ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} [الزمر: 71] . وَيَصِحُّ أَمْرُ الْمُكْرَهِ بِالْفِعْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} [الزمر: 72] . وَلَوْلَا أَنَّ الْفِعْلَ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ، لَمَا صَحَّ أَمْرُهُ بِهِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ بِالْإِكْرَاهِ زَالَ اخْتِيَارُهُ، فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ مِنْهُ، كَانَ كَوُجُودِ الطَّلَاقِ مِنْهُ مُكْرَهًا، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَطْلَقَ.
وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ، حُمِلَ عَلَيْهَا كَلَامُهُ، وَتَقَيَّدَ بِهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 475
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست